[قيام نائب الفاعل مقام الفاعل في الأحكام]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [النائب عن الفاعل: ينوب مفعول به عن فاعل فيما له كنيل خير نائل] يقول ابن مالك: (النائب عن الفاعل)، وهذا ترتيب حسن، حيث ذكر الفاعل أولاً ثم ذكر النائب عنه.
والنائب عن الفاعل هو المفعول به إذا حذف الفاعل، لكن يلزم على ذلك تغيير صيغة الفعل؛ لأن الفاعل أصل والنائب فرع، فلا بد أن يبنى للنائب بيت آخر غير بيت الفاعل، وذلك بتغيير صيغة الفعل.
ثم إن حذف الفاعل يكون لأغراض كثيرة لا يذكرها النحويون؛ لأن هذا ليس من شأنهم، وإنما يذكرها أهل البلاغة.
ومن تلك الأغراض التي يذكرونها: العلم به، أي: لأنه معروف، مثل قوله تعالى: {خُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا} [النساء:٢٨] فإنه معلوم أن الخالق هو الله تعالى.
ومنها: الجهل به والستر عليه، تقول: سُرِقَ المتاع، فقد يكون أخفى السارق إما للجهل به وإما للستر عليه.
فالمهم أن هناك أسباباً توجب أن يحذف الفاعل ويقوم المفعول به مقامه، فإذا حذف الفاعل وأقيم المفعول به مقامه فهل يعطى حكم الفاعل لأنه نائبه أم تحدث له أحكام جديدة؟ يقول ابن مالك: (ينوب مفعول به عن فاعل فيما له كنيل خير نائل) ينوب: فعل مضارع مرفوع.
مفعول: فاعل.
عن فاعل: جار ومجرور متعلق بينوب.
فيما له: فيما: جار ومجرور متعلق بينوب أيضاً، وما: هنا اسم موصول للعموم، وله: جار ومجرور متعلق بمحذوف تقديره: ثبت، أي: فيما ثبت له، والجملة صلة الموصول.
كنيل خير نائل: الكاف حرف جر، ونيل خير نائل: اسم مجرور بالكاف وعلامة جره كسرة مقدرة على آخره منع من ظهورها الحكاية، وإنما دخلت الكاف هنا على الجملة لأن المراد بها المفرد، إذ إن المراد بقوله: (كنيل خير نائل) أي: كهذا المثال.
قوله: (ينوب مفعول به عن فاعل فيما له) أي: في كل ما ثبت له: من الرفع، فإنه يرفع الفاعل ويرفع النائب عن الفاعل.
ومن وجوب ذكره وعدم جواز حذفه؛ لأنه نائبه.
ومن وجوب تأخره عن العامل.
ووجوب تأنيث الفعل معه إذا كان مؤنثاً حقيقياً أو ضميراً متصلاً لمؤنث.
المهم أن جميع الأحكام السابقة في الفاعل تنقل إلى نائب الفاعل، لكن لابد من تغيير الفعل كما سيذكر المؤلف رحمه الله.
قوله: (نيل خير نائل) أصلها: نال الرجل خير نائل، لكن حذف الفاعل، فلما حذف الفاعل أقيم المفعول به مقامه، فصار: نيلَ خيرُ نائل، وإعرابها تفصيلاً: نيل: فعل ماض مبني لما لم يسم فاعله.
وقولنا: (مبني لما لم يسم فاعله) أحسن من قولنا: مبني للمجهول؛ لأنها أعم؛ إذ إن حذف الفاعل قد يكون للجهل به، وقد يكون للستر عليه، أو غير ذلك.
خير: نائب فاعل مرفوع وعلامة رفعه ضمة ظاهرة في آخره، وخير: مضاف، ونائل: مضاف إليه.