ثم انتقل المؤلف إلى بحث آخر وهو: هل تؤكد النكرة أم لا؟ قال بعض النحويين: إنها لا تؤكد.
وقال آخرون: إنها تؤكد.
وتوسط المؤلف فقال:[وإن يفد توكيد منكور قبل وعن نحاة البصرة المنع شمل] القاعدة: أنه يجوز أن تُؤكد النكرة إذا كان فيها فائدة، وأما إذا لم يكن فيها فائدة فإنها لا تؤكد، ومنه قول الشاعر: يا ليت عدة حول كله رجب.
فأكد حولاً بكل، فأفاد أنه يجوز أن تؤكد، ولم يقل: يا ليت عدة الحول كله رجب.
ومنه البيت السابق وهو: تحملني الذلفاء حولاً أكتعا.
فحولاً هذه نكرة، وأكتع مُؤكِّد له.
وقوله:(وعن نحاة البصرة المنع شمل) أي: أنه لا تؤكد النكرة سواء أفادت أم لم تفد.
وعلى هذا فيمنع عند البصريين أن تقول: جلست عندك شهراً كله، وما جاء به السماع فهو عندهم إما شاذ وإما نادر قليل، والشاذ لا يقاس عليه.
أما على رأي ابن مالك وهو الصحيح: أنه إذا وجدت الفائدة من التوكيد فلا مانع، تقول: جلست عندك شهراً كله، أكدته لئلا يظن ظان أنني جلست عندك أكثر الشهر، فيكون في هذا فائدة، فإذا كان فيها فائدة فلا حرج.