ما يكون ظرفاً من الأمكنة والأزمنة
قال رحمه الله تعالى: (وكل وقت قابل ذاك وما يقبله المكان إلا مبهما) المراد بالوقت هنا: الزمان، فكل زمان قابل أن يكون مفعولاً فيه، والزمان مثل: ساعة، دقيقة، ثانية، يوماً، أسبوعاً، شهراً، سنة، حيناً، عصراً، وما أشبه ذلك.
القاعدة: الزمان كله قابل أن يكون مفعولاً فيه؛ لأنه ما من شيء إلا وهو في زمان، تقول: انتظرني ثانية، وإعرابها: ثانية: ظرف زمان منصوب على الظرفية.
واعلم أن الساعة في اللغة العربية غيرها في العُرف، عندنا الساعة في العرف جزء من أربعة وعشرين جزءاً من اليوم والليلة؛ لكنها في اللغة العربية تطلق على الزمن قل أو كثر.
قوله: (وما يقبله المكان إلا مبهما).
أي أن المكان المُعيَّن مثل: حُجرة وغرفة بيت وما أشبهها لا يكون مفعولاً فيه، بخلاف ما إذا كان المكان مبهماً.
والمبهم غير المحدود، وهو الذي ليس له شيء يحده، قال: (نحو الجهات) أي: الجهات الست: يمين وشمال وأمام وخلف وفوق وتحت.
فهذه الجهات كلها ظروف مكان.
تقول: جلست أمامك، جلست خلفك، جلست يمينك، جلست شمالك أو يسارك.
صعدت فوق السطح، نمتُ تحت الشجرة.
إذاً: الجهات الست كلها ظروف مكان.
قال: (والمقادير)، والمقادير هي مقادير المسافة، مثل: الميل والفرسخ والبريد.
وفي الوقت الحاضر مثل الكيلو.
تقول مثلاً: سرت ميلين، إعرابها: سرتُ: فعل وفاعل.
ميلين: ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة.
وتقول: سرتُ فرسخاً: سرت: تقدم إعرابها.
فرسخاً: ظرف منصوب على الظرفية وعلامة نصبه فتحة ظاهرة في آخره.
قال: (وما صيغ من الفعل) يعني: ظرف المكان يكون مصوغاً من الفعل.
قال: (كمرمىً من رمى).
هذه يسمونها ظرف مكان، وتأتي ظرف زمان، تقول: رميت مرمى زيدٍ، مثل: جلست مكان زيد.
تقول: رميتُ: فعل وفاعل.
ومرمى: ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه فتحة مقدرة على آخره منع من ظهورها التعذر.
والظرف المبهم هو الذي لا يدل على شيء محدد معين، بخلاف المحدد معين مثل البيت والمسجد وما أشبه ذلك، فالمكان المحدد لا ينصب على الظرفية، ولهذا لا تقول: جلستُ المسجدَ، أما: دخلتُ المسجد فهو جائز في اللغة العربية؛ لكن اختلف فيه النحويون: فبعضهم يقول: هو منصوب على الظرفية توسعاً.
وبعضهم يقول: منصوب بنزع الخافض، والتقدير: دخلتُ في المسجد.
وبعضهم يقول: منصوب على التشبيه بالمفعول به، مثل قولهم في (خلق الله السماواتِ): إن السماوات منصوب على التشبيه بالمفعول به.