قال المصنف رحمه الله تعالى:[وحذف عامل المؤكد امتنع وفي سواه لدليل متسع] قوله: (حذف): مبتدأ، وخبره:(امتنع).
في سواه: جار ومجرور خبر مقدم.
متسع: مبتدأ مؤخر.
يقول المؤلف: إن المصدر المؤكد لا يجوز حذف عامله؛ لأننا نسميه مصدراً مؤكداً، فكيف يوجد المؤكِّد ولا يوجد المؤكَّد؛ لأنه لا تأكيد إلا بوجود مؤكَّد ومؤكِّد، فالذي قصد فيه التأكيد لا يمكن يحذف عامله؛ لأن المقصود بالتأكيد تقوية العامل، فإذا كان العامل غير موجود فأين التوكيد؟ تقول: ضربت زيداً ضرباً، فلو قلت مثلاً: زيداً ضرباً، لا يجوز؛ لأنه ما دمت تريد أن تؤكد العامل فإنه لا بد أن يوجد العامل حتى يحصل التوكيد، وإلا لحصلت المنافاة؛ إذ إن المحذوف لا وجود له حتى يقال: إنه مؤكَّد.
إذاً: القاعدة: أن المصدر الذي يراد به التأكيد لا يجوز حذف عامله.
قوله:(وفي سواه).
وهو المبين للنوع والعدد، فالمبين للنوع كما لو سألك سائل: كيف سرت؟ فتقول: سيراً بطيئاً، فإنه يجوز؛ لأن المقصود أن تبين النوع، فسواء ذكرت العامل أو حذفته؛ لأن حذفه هنا لدليل دل عليه، وهو قولنا: كيف سرت؟ ومثله: أيضاً: كيف كان سيرك؟ تقول: سير ذي رشد، أو سير إنسان أحمد، أي: سرت سير ذي رشد.
كذلك المبين للعدد، مثل: كم ضربت غلاماً؟ تقول: ضربتين، فهنا حذفنا العامل، وأصله: ضربته ضربتين، فهنا يجوز أن تحذف العامل، ولا حاجة لذكره؛ لأنه ليس المقصود من المصدر التوكيد بل بيان العدد.
فإذا كان المقصود بيان النوع أو بيان العدد فإنه يجوز أن يحذف العامل، ولكن لدليل، ولهذا قيده المؤلف فقال:(وفي سواه لدليل متسع)، أما إذا لم يدل عليه دليل فإنه لا يجوز أن يحذف.
إذاً: القاعدة في الشطر الأخير: يجوز حذف عامل المصدر الذي يراد به بيان النوع أو العدد لدليل.
ثم إن المؤلف بعد هذا البيت الذي فيه الاتساع والسهولة ذكر ستة أبيات كلها فيها وجوب حذف العامل.