الحال الثالثة من أحوال المستثنى: أن تكون الجملة قبله مفرغة له غير كاملة، قال المؤلف:[وإن يفرغ سابق إلا لما بعد يكن كما لو الا عُدما] ويجوز: (عَدِما) وهما نسختان.
يفرغ: مجزومة بإن على أنها فعل الشرط.
سابق: فاعل يفرغ.
إلا: مفعول به لسابق.
يكن: جواب الشرط: والمعنى: إن يفرغ العامل السابق لـ (إلا) لما بعد إلا يكن هذا العامل المفرغ كما لو عدمت إلا؛ فإن فرغ للرفع صار ما بعد إلا مرفوعاً، وإن فرغ للنصب صار ما بعد إلا منصوباً، وإن فرغ للجر صار ما بعد إلا مجروراً.
وأمثلة ذلك:(ما قام إلا زيدٌ): ما: نافية.
قام: فعل ماض.
و (إلا) يسمونها هنا: أداة حصر، أو أداة استثناء ملغاة، وهذا أقيس.
وزيد: فاعل (قام) وكأن (إلا) ليست موجودة كأنك قلت: قام زيد.
(ما أكرمت إلا المجتهد).
أين مفعول (أكرمت)؟
الجواب
المجتهد؛ لأني فرغت (أكرمت) من المفعول وسلطت على الذي بعد إلا، فكان ما بعد إلا هو مفعوله.
(ما مررت إلا بزيد): (مررت) معروف أنها تتعدى بالباء، وقد فرغناها فلم نأت بالمعمول وجعلناه بعد إلا، فصار معمول مررت بعد قوله: إلا؛ لأن (إلا) لما فرغنا ما قبلها لما بعدها صارت كالمعدومة فيعمل ما قبلها فيما بعدها.
فهذه هي الحال الثالثة للاستثناء، وهي أن يكون ما قبلها ناقصاً، بمعنى: أنه يتطلب المعمول، فيكون ما بعد إلا معمولاً له؛ إن طلبه على أنه فاعل فهو فاعل، أو على أنه مفعول به فهو مفعول به، أو على أنه مجرور فهو مجرور.
وإذا قلت:(ما كان زيدٌ إلا قائماً)، فهذا مفرغ؛ لأن كان تطلب اسماً وخبراً ففرغناها من الخبر فكان ما بعد إلا هو خبرها.
وتقول:(ما ظننت زيداً إلا فاهماً) فهذا مفرغ للمفعول الثاني، فيكون المفعول الثاني ما بعد إلا.