[تقديم المفعول على الفاعل إذا كان فيه ضمير يعود على الفاعل]
قال المصنف رحمه الله تعالى:[وشاع نحو خاف ربَه عمر وشذ نحو زان نورُه الشجر] قوله: (شاع) أي: كثر، (نحو خاف ربَّه عمر) في هذه الجملة تقديم المفعول به حاملاً لضمير الفاعل المؤخر: رب: مفعول خاف، وهو مضاف إلى الهاء، والهاء تعود إلى عمر، وعمر: فاعل مؤخر.
فهذا شائع كثير، ومن ذلك قوله تعالى:{وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ}[البقرة:١٢٤] إبراهيم: مفعول مقدم، ورب: فاعل مؤخر.
فهذا شائع وكثير في اللغة العربية، وليس فيه محذور؛ لأن الضمير هنا عاد على متأخر، لكنه متأخر لفظاً متقدم رتبة.
قوله:(وشذ نحو زان نوره الشجر)، الشذوذ: الخروج عن القاعدة، (نحو زان نوره الشجر)، وقد شذ؛ لأنه عاد الضمير فيه على متأخر لفظاً ورتبة.
(زان نوره)، زان: فعل ماض.
نوره: فاعل، وهو مضاف إلى الضمير.
الشجر: مفعول به، والضمير في (نوره) يعود على الشجر، والشجر متأخر لفظاً ورتبة، أما لفظاً فظاهر، وأما رتبة فلأنه مفعول به، والمفعول به رتبته التأخير عن الفاعل.
وإذا أردنا تحويل هذا المثال إلى مثال شائع فنقول: زان الشجرَ نورُه، أي: أن النور -وهو الزهر- زين الشجر وجعله حسناً جميلاً.
وخلاصة هذا البحث: أنه يجوز تقديم المفعول به المتحمل لضمير الفاعل؛ لأن الضمير هنا يعود على متأخر لفظاً لا رتبة، ولا يجوز تقديم الفاعل المتحمل لضمير المفعول؛ لأنه يلزم منه عود الضمير على متأخر لفظاً ورتبة، وهذا شاذ خارج عن القاعدة.