للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ما تختص به الفاء]

ثم قال المؤلف رحمه الله تعالى: [واخصص بفاء عطف ما ليس صله على الذي استقر أنه الصله] وهذه أيضاً من خصائص الفاء: أنه يعطف بها ما لا يصح أن يكون صلة للموصول على الذي يصح أن يكون صلة للموصول.

وفهمنا أن المراد صلة الموصول لأن الصلة عند الإطلاق هي صلة الموصول.

قول ابن مالك: (ما ليس صلة) أي: ما لا يصح أن يكون صلة.

وقوله: (على الذي استقر أنه الصلة).

أي: على شيء يصح أن يكون صلة؛ لأنها تفيد الارتباط بين الجملتين، ولما كانت تفيد الارتباط بين الجملتين أغنى العطف بها عن وجود عائد يعود على الموصول.

ومعلوم أن جملة صلة الموصول تحتاج إلى رابط أو على الأصح إلى عائد يعود على الموصول، فلو قلت: جاءني الذي قام زيد، لا يصلح؛ لأنه ليس فيها عائد.

لكن لو قلت: جاءني الذي قام -أي: هو- يصح.

أو قلت: جاءني الذي قام أبوه، فهو صحيح لوجود العائد.

ولو قلت: أكرمت اللذين ذهبا.

يصح.

ولو قلت: أكرمت اللذين ذهب عمرو، لا يصح.

ولو قلت: أكرمت اللذين ذهبا فغضب زيد؛ يصلح مع أن غضب زيد ليس فيها ضمير يعود على الموصول، نقول: لأنها عطفت بالفاء.

وقد مثل النحويون بمثال: غريب وهو قولهم: الذي يطير فيغضب زيد الذباب.

والخلاصة: تختص الفاء بأنه يعطف بها ما لا يصح أن يكون صلة على ما يصح أن يكون صلة، ولو جئت بدل الفاء بالواو لما صح؛ فلو قلت: الذي يرعد وينزعج الطلبة الماطور لا يجوز إلا على تقدير حذف عائد في الجملة الثانية، والتقدير: وينزعج منه الطلبة.

أما بدون تقدير عائد فهو لا يختص إلا بالفاء فقط.

والفرق بين الفاء وغيرها كما قلت قبل قليل: أنها تفيد ارتباط الجملتين بعضهما لبعض، ولهذا استدللنا بأن الإخوة مع الأب والأم يحجبونها من الثلث إلى السدس مع أنهم لا يرثون؛ لقوله تعالى: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ} [النساء:١١] فهذه مربوطة بالتي قبلها، {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء:١١].

إذاً: لو قلنا: بدل الفاء بالواو لا يصح، ولو جئنا بدلها بثم لم يصح، ولو جئنا بدلها بأو لم يصح.