[تعريف عطف البيان]
قال رحمه الله تعالى: [العطفُ إما ذو بيان أو نسق والغرض الآن بيانُ ما سبق فذو البيان تابع شبه الصفه حقيقة القصد به منكشفة] قوله رحمه الله: (العطف).
تقدم أن العطف معناه الثني، فثني الشيء على الشيء يسمى عطفاً، ومنه عطف طرفي الحبل بعضهما إلى بعض.
أما هنا فإن العطف قد بينه المؤلف بقوله: (إما ذو بيان أو نسق).
فالعطف ينقسم إلى قسمين: عطف بيان، وعطف نسق.
فما كان بواسطة الحرف فهو عطف نسق، مثل جاء زيدٌ وعمرو، فقولنا: (عمرو)، هذا عطف نسق.
وما كان بغير واسطة الحرف فهو عطف بيان.
قال: (والغرض الآن): (الآن) تقدم أنها ظرف للإشارة إلى الزمان الحاضر، كما أن هنا ظرف للإشارة إلى المكان الحاضر، فالآن ظرف مبني على الفتح في محل نصب.
وقوله: (الغرض الآن)، أي: في هذا الباب، (بيان ما سبق).
الذي سبق هو عطف البيان، فقدم المؤلف الكلام على عطف البيان لأنه أقل، ولأنه أشبه بالنعت، فكان أولى أن يكون أقرب إليه، وقد فصل بينه وبين النعت بالتوكيد، وإنما فصل بينه وبين النعت بالتوكيد لأن التوكيد في الحقيقة مؤكد لذات الشيء.
قال: (فذو البيان) أي: فعطف البيان، تعريفه: (تابع شبه الصفة).
فقولنا: (تابع) جنس يدخل فيه جميع التوابع.
وقولنا: (شبه الصفة)، خرج به النعت؛ لأن مشابه الشيء ليس هو الشيء، فهو يشبه النعت في بيان متبوعه، لكنه يخالف النعت في أنه جامد، والنعت مشتق أو مؤول به، ويظهر ذلك بالمثال: تقول: جاء أبو حفص الفاروق، فـ الفاروق: صفة لـ أبي حفص، وتقول: جاء أبو حفص عمر، فـ عمر عطف بيان وليس بصفة؛ لأن عمر علم جامد، لكن الفاروق مشتق، ولهذا قال المؤلف: (تابع شبه الصفة)، أي: وليس بصفة.
وقوله: (حقيقة القصد به منكشفة) خرج بهذا بقية التوابع؛ لأن التوابع لا تنكشف بها حقيقة القصد، فكل تابع مستقل، والنعت قد تتبين به حقيقة القصد لكنه مشتق كما سبق، أما بقية التوابع فليست كذلك.