للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مواضع كسر همزة إن]

قوله: (وفي سوى ذاك اكسر)، ذاك: المشار إليه هو قوله: (لسد مصدر مسدها).

قوله: (فاكسر في الابتداء) هذا تفصيل بعد تعميم، أي: إذا وقعت في ابتداء الكلام -أي في صدر جملتها- فاكسرها، فتقول مثلاً: إني قائم، ولا يجوز أن تقول: أني قائم.

فإن قال قائل: ما تقولون في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} [المؤمنون:٦٠] فهنا جملة (أنهم) لا صلة لها بما قبلها، فلماذا فتحت مع أنها في ابتداء جملتها؟ ف

الجواب

أن هذه على تقدير اللام، أي: لأنهم إلى ربهم راجعون؛ ولهذا نقول: إن هذه الجملة تعليلية، أي: سبب وجود وجل قلوبهم هو أنهم يؤمنون بأنهم راجعون إلى الله، ولا يدرون ماذا يلقون الله به؛ فلذلك تجدهم يعملون الأعمال الصالحة وقلوبهم خائفة، أي: خائفة من أن يرد عليهم عملهم.

إذاًَ: كلما وقعت إن في ابتداء الجملة فإنها تكسر، تقول: إن زيداً قائم، ولا يصح أن تقول: أن زيداً قائم؛ لأنها وقعت في الابتداء، هذا هو الموضع الأول.

الموضع الثاني: قال: (وفي بدء صلة).

أي: إذا وقعت (إن) في بدء الجملة التي تقع صلة للموصول فإنها تكسر، ووجه ذلك أنها واقعة في الحقيقة في ابتداء الجملة؛ لأن الجملة بعد الموصول تابعة له مستقلة.

فهي تابعة بمعنى أنها هي التي تصله وتبين معناه، لكنها مستقلة؛ فلهذا تكسر، تقول: يعجبني الذي إنه فاهم، وقال الله تبارك وتعالى: (وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ} [القصص:٧٦]، ما: بمعنى الذي، أي: آتيناه الذي إن مفاتحه لتنوء بالعصبة.

الموضع الثالث: قال: (وحيث إن ليمين مكملة).

أي: إذا وقعت (إنَّ) جواباً لقسم؛ لأن الذي يكمل اليمين هو الجواب، فإذا وقعت إن جواباً للقسم وجب كسرها، قال الله تبارك وتعالى: {وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ} [التوبة:٥٦] لكن هذه فيها اللام.

وتقول: والله إن زيداً قائم، ولو قلت: والله أن زيداً قائم، لما صح كلامك.

وتقول: حلفت بالله إن زيداً قائم، فكسرت لأنها جواب القسم، أي: المقسم عليه.

الموضع الرابع: قال: (أو حكيت بالقول).

أي: إذا كانت (إن) مقولاً للقول فإنها تكسر، مثل قوله تعالى: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} [مريم:٣٠].

وتقول: قال فلان إن فلاناً فيه نوم، الشاهد: إن فلاناً فيه نوم؛ لأنها مقول القول.

إذاً كلما وقعت (إنَّ) مقولاً للقول فإنها تكسر، فلا يصح أن يقال: قال فلانٌ أن فلاناً قائم، بلا يقال: قال فلان إن فلاناً قائم؛ لأنها مقول القول.

الموضع الخامس: قال: (أو حلت محل حال).

أي: إذا حلت (إنَّ) هي وجملتها محل حال فإنه يجب كسرها؛ لأن حقيقة الأمر حينئذ أنها وقعت في الابتداء.

قال: (كزرته وإني ذو أمل)، زرته: فعل وفاعل، (وإني ذو أمل) حال من التاء في (زرته)، والجملة الواقعة حالاً هي جملة مبتدأة في الواقع كأنها مستقلة؛ ولهذا وجب فيها كسر إنَّ.

إذاً: تكسر همزة إنَّ في خمسة مواضع: الأول: الابتداء.

الثاني: بدء الصلة.

الثالث: إذا كانت جواباً للقسم.

الرابع: إذا حكيت بالقول.

الخامس: إذا حلت محل حال.

هذه مواضع خمسة تكسر فيها همزة إن، ولو قلت: الضابط في كسرها ألا يحل محلها المصدر؛ لأنه قال: (تفتح إذا حل محلها المصدر) لكان صحيحاً؛ لكن هذه المواضع عبارة عن تبيين لمجمل.

وقد تكسر في غير هذه المواضع أيضاً، ما دام الضابط عندنا أنها إذا لم يحل محلها المصدر فهي مكسورة، فقد يوجد غير هذه المواضع في اللغة العربية، فالخمسة هذه من باب تفصيل المجمل.