[إذا اضطر الشاعر إلى تنوين المنادى المبني له رفعه ونصبه]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [واضمم أو انصب ما اضطراراً نونا مما له استحقاق ضم بينا] قوله: (واضمم أو انصب).
(أو) هنا للتخيير، ومعنى (اضمم): أي: ابنِ على الضم، وقوله: (أو انصب) أي: أعربه بالفتح نصباً.
(ما): اسم موصول مفعول اضمم أو انصب، وفيه تنازع، والمعروف أنه في مثل هذا يكون مفعولاً للثاني.
اضطراراً: مفعول من أجله، عامله (نونا)، والألف فيه للإطلاق، أي: اضمم أو انصب ما نون اضطراراً، أي: للضرورة.
فإذا جاء الاسم مستحقاً لبنائه على الضم، واضطر الشاعر إلى أن ينونه فإنه يجوز أن ينصبه، ويجوز أن يضمه، أي: أن تعربه على أنه مبني على الضم في محل نصب، أو تنصبه على أنه منادى منصوب، فشمل قول المؤلف: (ما اضطراراً نونا مما له استحقاق ضم) المنادى الذي يبنى على الضم لكونه علماً، فإنه يجوز فيه أن تقول في إعرابه: إنه منصوب بياء النداء مثلاً، أو مبني على الضم ونون للضرورة، مثاله قول الشاعر: سلام الله يا مطرٌ عليها وليس عليك يا مطرُ السلام الشاهد في الأول: (سلام الله يا مطرٌ)، وكان عليه أن يقول: (يا مطرُ)، لكن نونه لضرورة الشعر؛ لأنه لو لم ينونه لانكسر البيت، فنونه للضرورة.
الثاني: (وليس عليك يا مطرُ)، هذا على الأصل؛ لأنه ليس فيه تنوين.
وعليه فيجوز أن أقول: سلام الله يا مطراً عليها، وسلام الله يا مطرٌ عليها؛ لأن ابن مالك خيرنا: (اضمم أو انصب)، وإنما جاز النصب لأنه لما دخله التنوين صار كأنه غير مقصود، فإن النكرة المقصودة تبنى على الضم، والنكرة غير المقصودة حكمها النصب، وعلى هذا فيجوز في الإعراب كما يأتي: سلام الله: سلام: مبتدأ، وهو مضاف إلى اسم الجلالة.
يا: حرف نداء.
مطر: منادى مبني على الضم في محل نصب، ونون للضرورة.
عليها: جار مجرور خبر سلام.
ويجوز أن أقول: سلام الله يا مطراً عليها، وإعرابه: يا: حرف نداء.
مطراً: منادى منصوب وعلامة نصبه فتحة ظاهرة في آخره.
ففي باب الضرورة إن شاء الإنسان نصب وإن شاء رفع.
قوله: (مما له استحقاق ضم بينا) ذكر المؤلف سابقاً أن المنادى المفرد يبني على ما يرفع به، وهنا استثنى المثنى وجمع المذكر السالم، فما قال: على ما يرفع به؛ لأن الكلام على ما يستحق البناء على الضم، أما الجمع فهو يبقى على ما هو عليه، وكذلك المثنى.
مثال آخر: قول الشاعر: ضربت صدرها إلي وقالت يا عدياً لقد وقتْك الأواقي فقال: يا عدياً لقد وقتك الأواقي، وكان عليه أن يقول لولا الضرورة: يا عديُ؛ لأنه علم.
فالحاصل: أن ما يبنى على الضم يجوز أن ينون لضرورة الشعر، وإذا نون جاز أن يبقى على ضمه، وجاز أن ينصب.