[صلة أل الموصولة]
يقول المؤلف: [وصفة صريحة صلة أل].
(صفة) خبر مقدم، وصلة أل: مبتدأ مؤخر؛ وإنما اخترنا أن تكون صلة أل هي المبتدأ؛ لأنها معرفة وصفة نكرة، والأصل أن المعرفة هي المبتدأ؛ لأنه محكوم عليه فلابد أن يكون معلوماً، فإذا جاءت كلمتان كل واحدة تصح أن تكون مبتدأ فاجعل المبتدأ هو المعرفة لأنه محكوم عليه.
والصفة الصريحة هي التي لا يشوبها تأويل، وهي ثلاثة أشياء: (اسم الفاعل، واسم المفعول، والصفة المشبهة).
وخرج بقولنا (صريحة) الصفة التي ليست بصريحة، مثل أن تكون مصدراً، كأن يقال: فلان الرضا، فلان العدل.
هنا الرضا والعدل ليسا صفة صريحة، وعلى هذا فلا تكون (أل) موصولة؛ لأن (أل) الموصولة لا بد أن تكون صلتها صفة صريحة.
كذلك الأسد قد يوصف به، ولكنه ليس بالصفة الصريحة، فـ (أل) الداخلة عليه ولو في مقام الوصف لا تكون موصولة؛ لأن (أل) الموصولة لا تكون صلتها إلا صفة صريحة.
وأقرب من هذا أن نقول: (أل) التي تدخل على اسم الفاعل، واسم المفعول، والصفة المشبهة، موصولة، و (أل) التي تدخل على غير ذلك ليست موصولة.
وقوله: (وكونها بمعرب الأفعال قل).
يعني: كون (أل) توصل بمعرب الأفعال قليل، ومعرب الأفعال هو المضارع؛ لأن الماضي والأمر كلاهما مبني.
وأفادنا المؤلف رحمه الله بأن (أل) قد توصل بالفعل المضارع لكنه قليل عند العرب، وإذا كان قليلاً عند العرب فينبغي أن يكون عندنا أقل.
وأنشدوا على ذلك قول الشاعر: ما أنت بالحكم الترضى حكومته ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل فمقتضى القاعدة في (أل) الشمسية والقمرية أن نقول: ما أنت بالحكم التُّرضى؛ لأن أل المقترنة بالتاء شمسية.
كما تقول: التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وفي القرآن {التَّائِبُونَ} [التوبة:١١٢].
لكن هنا لا نجعلها شمسية، بل نجعلها قمرية؛ لأن (أل) الموصولة في منزلة المنفصل فيقال في النطق في البيت: ما أنت بالحكم الترضى، بسكون اللام.
وكذلك قد توصل (أل) بالظرف، لكنه أيضاً قليل، وعليه قول الشاعر: من لا يزال صابراً على المعه فهو حَرٍ بعيشة ذات سعه (على المعه) يعنى: على الذي معه، أي: أن الإنسان الذي يصبر على ما معه من النفقة والعيش؛ فهو حرٍ بعيشة ذات سعة؛ لأن الله تعالى قال: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} [الطلاق:٧] والقناعة كنز لا يفنى.
إذاً توصل (أل) قياساً باسم فاعل مثل: الضارب، واسم مفعول مثل: المضروب، والصفة المشبهة مثل: البطل، وتوصل قليلاً بالفعل المضارع، وكذلك توصل قليلاً بالظرف.