للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[معنى علم الجنس والفرق بينه وبين العلم الشخصي]

قوله: [ووضعوا لبعض الأجناس علم كعلم الأشخاص لفظاً وهو عم] الضمير في قوله: (وضعوا) يعود على العرب؛ لأنهم هم أهل الكلام وأهل الصياغة، وليس عائداً على النحاة؛ لأن النحاة غالبهم مولدون لا يملكون أن يضعوا شيئاً في اللغة العربية، أي: وَضَع العربُ لبعض الأجناس علماً.

وهناك أجناس وأنواع وأشخاص؛ فالعلم الذي تكلمنا عليه أولاً هو العلم الشخصي، والذي يتكلم عليه المؤلف الآن هو العلم الجنسي، ومثال الجنس والنوع والشخص: أن الحَبَّ جنس، والبر نوع، فإذا كان عندي إناء فيه بر أقول: هذا البر شخص معين بذاته.

يقول: (ووضعوا لبعض الأجناس علم) أصلها: (علماً)، لكن حذفت الألف إما على لغة ربيعة الذين يقفون على المنصوب بدون ألف، وإما لضرورة الشعر.

قوله: (كعلم الأشخاص لفظاً وهو عم) أي كعلم الأشخاص في اللفظ، يعني: أنه في الأحكام اللفظية يعطى حكم العلم الشخصي، لكن في المعنى يعم.

ومعنى الأحكام اللفظية: أن كل ما يؤثر فيه العلم الشخصي يؤثر فيه العلم الجنسي.

فمن ذلك أن من موانع الصرف: العلمية والتأنيث اللفظي، فإذا جاءنا علم جنس فيه تاء التأنيث فإننا نمنعه من الصرف؛ لأن حكمه اللفظي كعلم الشخص.

وكذلك يصح مجيء الحال من علم الجنس كما يصح من علم الشخص.

كذلك يجوز الابتداء به كما يجوز الابتداء بعلم الشخص.

المهم أن جميع الأحكام اللفظية التي تثبت لعلم الشخص تثبت لعلم الجنس، لكنه في المعنى ليس كعلم الشخص؛ لأن علم الشخص يعين شخصاً بعينه، أما علم الجنس فهو نكرة؛ ولذلك قال: (وهو عم).

وأصلها: أعم، لكن حذفت الألف للتخفيف كخير وشر، أصلها أخير وأشر، فعم هنا اسم تفضيل حذفت منها الهمزة فصارت عم، ويجوز أن تكون (عم) هنا فعلاً ماضياً، أي: وهو عم الأفراد، بخلاف العلم الشخصي.

إذاً العلم الشخصي له حكمان: لفظي ومعنوي.

اللفظي: ما أشرنا إليه أولاً من الأحكام المتعلقة باللفظ كعدم الانصراف، وجواز الابتداء به، ومجيء الحال منه، وما أشبه ذلك.

المعنوي: أنه يدل على شيء معين.

والعلم الجنسي له حكمان: حكم لفظي كحكم علم الشخص تماماً.

وحكم معنوي: فهو من حيث المعنى كالنكرة؛ لأنه يعم جميع الأفراد، ولا يختص بفرد واحد.