للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عمل الصفة المشبهة]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وعمل اسم فاعل المعدى لها على الحد الذي قد حدا] قال ابن عقيل: [أي: يثبت لهذه الصفة عمل اسم الفاعل المتعدي، وهو الرفع والنصب، نحو: زيد حسن الوجه، ففي (حسن) ضمير مرفوع هو الفاعل، والوجه منصوب على التشبيه بالمفعول به، لأن حسناً شبيه بضارب فعمل عمله.

وأشار بقوله: (على الحد الذي قد حدا).

إلى أن الصفة المشبهة تعمل على الحد الذي سبق في اسم الفاعل، وهو أنه لا بد من اعتمادها، كما أنه لا بد من اعتماده].

قال ابن مالك: [وسبق ما تعمل فيه مجتنب وكونه ذا سببية وجب] معنى مجتنب: لا يجوز، فلا تقول: جاء الوجه الحسن، حتى لو كان الوجه منصوباً وذلك لضعفها، بخلاف اسم الفاعل فإنه يجوز تقديم مفعوله، فتقول: أنا زيداً ضارب غداً.

وقوله: (وكونه ذا سببية وجب).

أي: يجب أن يكون معمولها ضمير يعود عليها، نحو: زيد حسن وجهه، ولا تعمل في أجنبي، فلا تقول: زيد حسن عمراً.

ثم قال: [فارفع بها وأنصب وجر مع أل ودون أل مصحوب أل وما اتصل] يعني: أنه إذا كان معمولها مصحوباً بأل جاز فيه ثلاثة أوجه، سواء كانت هي مسبوقة بأل أم غير مسبوقة.

فمصحوب أل هنا تنازع فيه العوامل الثلاثة: ارفع، وانصب، وجر.

أما قوله: (مع أل ودون أل) فهذا يعود إلى الصفة نفسها، مثال ذلك: تقول في الرفع: الحسنُ الوجه.

وتقول في النصب: جاء الحسن الوجهَ.

وتقول في الجر: جاء الحسن الوجهِ.

والصفة المشبهة في كل ذلك مصحوبة بأل.

وقوله: (ودون أل)، مثاله: جاء حسن الوجهُ، جاء حسن الوجهَ، جاء حسن الوجهِ، ولهذا قال: مصحوب أل، وما اتصل بها مضافاً أو مجرداً)، يعني: وكذلك أيضاً: ارفع بها، وانصب، وجر ما اتصل بها مضافاً، أو مجرداً، أي: مضافاً إلى مصحوب أل، أو مجرداً من الإضافة.

قال ابن مالك: [بها مضافاً او مجرداً ولا تجرر بها مع أل سما من أل خلا ومن إضافة لتاليها وما لم يخل فهو بالجواز وسما].

قوله: (ولا تجرر بها مع أل سماً) معناه: إذا وجدت مقرونة بأل، فلا تجرر بها اسماً خلا من أل.

وهذا مبني على ما سبق في الإضافة أن المقرون بأل لا يضاف إلى خال منها، إلا إذا أضيف هذا الخالي منها إلى مقرون بها هو.

ولهذا قال: [ومن إضافة لتاليها وما لم يخل فهو بالجواز وسما] وقوله: (ما لم يخل)، أي: وجدت فيه أل، فهو بالجواز وسما.

والخلاصة: أنه يجوز في معمولها الرفع على الفاعلية، والنصب على التشبيه بالمفعول به إن كان محلى بأل، وعلى التمييز أو التشبيه بالمفعول به إن كان مجرداً من أل.

أما الجر: فيجوز إن كانت الصفة محلاة بأل، والمعمول محلى بأل، أو مضافاً إلى محلى بأل.

أما إذا كان مجرداً من أل ولم يضف إلى ما فيه أل فإن الجر يكون جائزاً تقول مثلاً: هذا حسنٌ وجه؛ لأنه إذا جردت من أل جاز في معمولها كل الأوجه الثلاثة بدون تفصيل مثل: هذا حسن الوجهِ، هذا حسن الوجهَ.

أما إذا قرنتها بأل فيمتنع الجر إلا إذا كانت أل موجودة في المعمول، أو كان المعمول مضافاً لما فيه أل.

قال ابن عقيل: [لما كانت الصفة المشبهة فرعا في العمل عن اسم الفاعل قصرت عنه، فلم يجز تقديم معمولها عليها كما جاز في اسم الفاعل، فلا تقول: زيد الوجه حسن، كما تقول: زيد عمراً ضارب، ولم تعمل إلا في سببي نحو: زيد حسن وجهه، ولا تعمل في أجنبي فلا تقول: زيد حسن عمراً، واسم الفاعل يعمل في السببى والأجنبي نحو: زيد ضارب غلامه، وضارب عمراً].

قال ابن مالك: [فارفع بها وأنصب وجر مع أل ودون أل مصحوب أل وما اتصل بها مضافا أو مجرداً ولا تجرر بها مع أل سما من أل خلا ومن إضافة لتاليها وما لم يخل فهو بالجواز وسماً] قال ابن عقيل: [الصفة المشبهة إما أن تكون بالألف واللام نحو: الحسن، أو مجردة عنهما نحو: حسن، وعلى كل من التقديرين لا يخلو المعمول من أحوال ستة: الأول: أن يكون المعمول بأل نحو: الحسن الوجه، وحسن الوجه.

الثاني: أن يكون مضافا لما فيه أل نحو: الحسن وجه الأب، وحسن وجه الأب.

الثالث: أن يكون مضافا إلى ضمير الموصوف نحو: مررت بالرجل الحسن وجهه، وبرجل حسن وجهه.

الرابع: أن يكون مضافا إلى مضاف إلى ضمير الموصوف نحو: مررت بالرجل الحسن وجه غلامه، وبرجل حسن وجه غلامه.

الخامس: أن يكون مجرداً من أل دون الإضافة نحو: الحسن وجه أب، وحسن وجه أب.

السادس: أن يكون المعمول مجردا من أل والإضافة نحو: الحسن وجهاً، وحسن وجهاً.

فهذه اثنتا عشرة مسألة والمعمول في كل واحدة من هذه المسائل المذكورة: إما أن يرفع، أو ينصب، أو يجر فيتحصل حينئذ ست وثلاثون صورة.

وإلى هذا أشار بقوله: (فارفع بها) أي بالصفة المشبهة، (وانصب وجر مع أل) أي: إذا كانت الصفة بأل نحو: الحسن، (ودون أل) أي: إذا كانت الصفة بغير أل نحو: حسن، (مصحوب أل) أي: المعمول المصاحب لأل نحو: الوجه، و (ما اتصل بها مضافا أو مجرداً) أي: والمعمول المتصل بها -أي: بالصفة- إذا كان المعمول مضافاً، أو مجرداً من الألف واللام والإضافة.

ويدخل تحت قوله: (مضافاً) المعمول المضاف إلى ما فيه أل، نحو: وجه الأب، والمضاف إلى ضمير الموصوف نحو: وجهه، والمضاف إلى ما أضيف إلى ضمير الموصوف نحو: وجه غلامه، والمضاف إلى المجرد من أل دون الإضافة نحو: وجه أب.

وأشار بقوله: (ولا تجرر بها مع أل إلى آخره) إلى أن هذه المسائل ليست كلها على الجواز، بل يمتنع منها إذا كانت الصفة بأل أربع مسائل: الأولى: جر المعمول المضاف إلى ضمير الموصوف نحو: الحسن وجهه.

الثانية: جر المعمول المضاف إلى ما أضيف إلى ضمير الموصوف نحو: الحسن وجه غلامه.

الثالثة: جر المعمول المضاف إلى المجرد من أل دون الإضافة نحو: الحسن وجه أب.

الرابعة: جر المعمول المجرد من أل والإضافة نحو: الحسن وجه.

فمعنى كلامه: (ولا تجرر بها) أي: بالصفة المشبهة إذا كانت الصفة مع أل اسما خلا من أل أو خلا من الإضافة لما فيه أل، وذلك كالمسائل الأربع.

وما لم يخل من ذلك يجوز جره كما يجوز رفعه ونصبه، كالحسن الوجه، والحسن وجه الأب، وكما يجوز جر المعمول ونصبه ورفعه إذا كانت الصفة بغير أل على كل حال].

والحقيقة أن كلامه رحمه الله في الصفة المشبهة كلام طويل أشبه بتمرين الطالب؛ لأن مثل هذه المسائل تجيء في كلام العرب، يعني: كأنهم يريدون بذلك تمرين الجهلة.

والغالب أنه إذا جاءت الصفة المشبهة أن معمولها يكون مضافاً إلى ضمير الموصوف بها، فتقول: الحسن الوجه.

أو إلى محلى بأل مثل: الطاهر القلب.

ثم إن الغالب أيضاً أنه إذا كان محلى بأل؛ أي: المعمول، فإنه يكون مجررواً، وإذا كان مضافاً إلى الضمير، فإنه يكون مرفوعاً، تقول: الطاهرِ قلبهُ، والطاهر القلبِ، ولا تقول: الطاهر القلبُ، وإن كان جائزاً لكنه غالباً لا يكون.