الإتيان باسم الإشارة بدلاً عن (أي)
قال رحمه الله: (إن كان تركها يفيت المعرفة).
قوله: (إن كان تركها) أي: الإشارة، (يفيت المعرفة) أي: العلم بالمنادى، أما إذا كان تركها لا يفيت المعرفة فإنك تأتي بأي.
اشترط المؤلف لصحة مجيء اسم الإشارة بدلاً عن أي: أن يكون تركها يفيت المعرفة، مثلاً: إذا قلت: يا أيها الرجلُ، فأنت عرفت أن المنادى رجل، لكن أنا أريد أن أعين رجلاً، فأقول بدل (أي): يا هذا الرجل؛ لأجل أن تعرف أن المنادى هو هذا المشار إليه، فإذا كان تركها يفيت المعرفة فإنك تأتي باسم الإشارة.
أما إذا كان لا يفيت، مثل: يا أيها النبي، يا أيها العالم، يا أيها الأب، يا أيها القاضي، يا أيها الأمير، فلا حاجة لاسم الإشارة؛ لأنه متعين بالتعريف بالعهد الذهني المعروف، تقول: يا أيها القاضي، إذا كنت تعرف أنه هو القاضي المعين ونحو ذلك.
لكن إذا كان ترك اسم الإشارة يفيت المعرفة بعين المنادى، فإننا نأتي باسم الإشارة، فتبين أن الإتيان باسم إشارة بدلاً عن (أي) إنما يكون للضرورة، والضرورة هي ما إذا كان تركها يفوت المعرفة، أما إذا كان لا يفوت المعرفة فلا؛ لأن (أي) هي الأصل فنرجع إلى الأصل.
قال المؤلف رحمه الله: [في نحو سعدُ سعدَ الأوس ينتصب ثانٍ وضم وافتح أولاً تصب] قوله: (في نحو سعد سعد الأوس)، سعد: منادى حذفت منه ياء النداء، والأصل: يا سعد سعد الأوس، وسعد الأوس هو سعد بن معاذ رضي الله عنه، وسعد الخزرج هو سعد بن عبادة، وسعد بن معاذ رضي الله عنه حياته معروفة، وختام حياته بالشهادة، واهتز له عرش الرحمن سبحانه وتعالى، وفيه قال حسان بن ثابت: وما اهتز عرش الله من أجل هالك سمعنا به إلا لسعد أبي عمر فإذا قلت: يا سعد سعدَ الأوس، فالثاني ينتصب؛ لأنه منادى مضاف، فإذا كان بدلاً من الأول فإنه بدل منه على أنه مضاف أو عطف بيان، فينتصب لأنه مضاف.
لكن الأول يقول فيه المؤلف: (وضم وافتح أولاً تصب) أي: أنه يجوز في الأول وجهان: الضم على الأصل؛ لأنه غير مضاف، والعلم إذا نودي يبنى على الضم.
والوجه الثاني الفتح: وقد اختلف فيه النحويون، فقال بعضهم: إنه جاز على أن تكون سعد الثانية مقحمة زائدة، وكأن الأصل: يا سعدَ الأوس، وهذا على رأي من يجوزون زيادة الأسماء، والمسألة فيها خلاف بين النحويين، أما في الحروف فالظاهر أنها جائزة وشائعة، لكن زيادة الأسماء فيها خلاف.
وقال بعضهم: إنه ينصب فيبنى مع الثاني كبناء خمسة عشر، فتقول في الإعراب على هذا الرأي: يا: حرف نداء، سعد سعد: اسم منادى مبني على الفتح في محل نصب؛ لأنه مضاف.
الرأي الثالث يقول: إننا نفتحه على الإتباع، بمعنى: أن يكون تابعاً لما بعده في الحركة، وعلى هذا نقول: سعد: منادى مبني على ضم مقدر على آخره منع من ظهوره حركة الإتباع.
وفي الحقيقة أن هذه الإعرابات لا بأس أن يتمرن الإنسان عليها ويعرفها، لكن أهم شيء عندنا هو الحكم، وهو أن الثاني ينصب، والأول يجوز فيه الوجهان: الفتح والضم، وله شاهد من كلام العرب وهو قول الشاعر: يا زيدُ زيدَ اليعملات الذبل.
ويجوز: يا زيدَ زيدَ اليعملات الذبل.
واليعملات: هي الإبل.