[دخول إن المخففة على الفعل]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [والفعل إن لم يك ناسخاً فلا تلفيه غالباً بإن ذي موصلا] من المعلوم أن إنّ وأخواتها ست أدوات، منها المشدد ومنها المخفف، فالمشدد: إنَّ، وأنَّ، ولعلَّ، ولكنَّ، وكأنَّ، والمخفف ليتَ فقط.
وقد تكلمنا فيما سبق على حكم (إنَّ) إذا خففت إلى (إنْ)، والآن سيتكلم المؤلف على باقي الحروف التي تخفف.
قوله: (والفعل إن لم يك ناسخاً فلا).
الفعل: مبتدأ وخبره جملة الشرط: (إن لم يك ناسخاً فلا تلفيه غالباً بإن ذي موصلاً).
إن: شرطية.
لم: حرف جزم.
يك: فعل مضارع مجزوم بلم؛ لأنها المباشرة، والجلمة في محل جزم فعل الشرط.
ناسخاً: خبر يكن.
فلا تلفيه غالباً: أي: لا تجده غالباً، ومعلوم أن (لا): نافية.
تلفيه: تلفي: فعل مضارع، والفاعل مستتر تقديره أنت، والهاء مفعول أول.
غالباً: منصوب بنزع الخافض، أي: في الغالب.
بإن ذي: المشار إليه هي (إنْ) المخففة، والباء: حرف جر، وإن مجرور بالباء باعتبار اللفظ.
وذي: صفة لإن، والجار والمجرور متعلق بموصلاً.
موصلاً: مفعول ثان لـ (تلفي)، أي: فلا تلفيه موصلاً في الغالب.
معلوم أنّ َ (إنْ) المخففة إذا كانت داخلة على جملة اسمية فقد سبق الكلام أنها تعمل وتهمل، والإهمال أكثر، وأنه إذا أهملت ولم يتضح المعنى وجب اقتران خبرها باللام، والجملة الفعلية هل تتصل بإنْ المخففة؟ فصل المؤلف رحمه الله تعالى، والحاصل: أن (إنْ) لا يليها الفعل إلا إذا كان ناسخاً، مثل: كاد، وكان، ووجد، وما أشبهها، قال الله تبارك وتعالى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأَرْضِ} [الإسراء:٧٦]، الفعل الناسخ (كاد).
وقال تعالى: {وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [آل عمران:١٦٤].
و (كان) فعل ناسخ.
وقال تعالى: {وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ} [الأعراف:١٠٢]، (وجد) فعل ناسخ.
وغير الناسخ لا يلي (إنْ) في الغالب، وقد يليها في غير الغالب، ومنه قول الشاعر: شلت يمينك إنْ قتلت لمسلماً حلت عليك عقوبة المتعمد والمعنى: شلت يمينك إنك قتلت مسلماً، وهذا قليل، والأكثر ألا يليها إلا فعل ناسخ.
ويخفف دخولها على الفعل غير الناسخ -كما في هذا البيت- وجود اللام: (إن قتلت لمسلماً)؛ لأنه لو قال: إن قتلت مسلماً؛ لأوهم أن تكون (إنْ) نافية أو شرطية، لكن إذا قال: إن قتلت لمسلماً، فيتعين أن تكون (إنْ) هنا مخففة من الثقيلة.
ونقول في إعرابها: إنْ: مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن محذوف، والتقدير: إنْه.
قتلت: فعل وفاعل، والجملة خبر (إنْ).
لمسلماً: اللام فارقة، مسلماً: مفعول لقتلت.
ومثاله أيضاً: إنْ يزينك لنفسك، وإنْ يشينك لهيه، فإنْ هنا مخففة، والدليل دخول اللام، والفعل هنا غير ناسخ.