صياغة فعلي التعجب مما لم يستوفِ الشروط
قال رحمه الله تعالى: [واشدد أو أشد أو شبههما يخلف ما بعض الشروط عدما].
قوله: و (أشدد) على وزن: (أفعِل).
وقوله: (أو أشد) على وزن: (أفَعل)، أفعِل أو أفعَل، مثل: أشدد وأشد وأعظم، وأكبر، وما أشبه ذلك.
وقوله: (أو شبههما)، معطوف على قوله: (وأشدد).
وقوله: (يخلف): جملة فعلية خبر المبتدأ.
وقوله: (ما بعض الشروط عدم).
(ما): اسم موصول مفعول لـ (يخلف).
و (بعض): مفعول مقدم لقوله: (عدم)، أي: يخلف ما عدم بعض الشروط.
وقوله: (عدما) الألف هنا لإطلاق القافية، وليست للتثنية.
والقاعدة من هذا البيت يقول المؤلف: إذا لم تتوفر الشروط في كلمة مما تريد أن تتعجب منه فاجعل بدلها أشدد، أو أشد.
مثلاً: إذا كان الفعل غير ثلاثي فلا يصاغ منه فعل التعجب، فتأتي بأشدد، أو أشد، فتقول: أشدد باستغفاره! أو ائت بأشد مسبوقاً بما، فتقول: ما أشد استغفاره، أو ما أكثر استغفاره! وسبق أنه لا يصاغ مما الوصف منه على أفعل مثل: أحمر، فلا يقال: ما أحمره، إنما نقول: ما أشد احمراره، أو أشدد باحمراره.
وسبق أنه لا يصاغ مما لا يقبل التفاوت كالعمى مثلاً: فلا يقال: ما أعماه، ولا يقال: أعمم به.
إذاً: نضيف أشد أو أشدد، فنقول: ما أشد عماه، وأشدد بعماه، وعلى هذا فقس.
قال المؤلف رحمه الله: [ومصدر العادم بعد ينتصب وبعد أفعل جره بالباء يجب] مصدر العادم بعض الشروط، ينتصب بعد أشد، فتقول: ما أشد استغفاره! فتأتي بأشد وتحول الفعل إلى مصدر، وتنصبه بأفعل التفضيل، فتقول: ما أشد استغفاره! إن كنت تريد أن تتعجب من شدته.
وإن كنت تريد أن تتعجب من كثرته فتقول: ما أكثر استغفاره.
وقوله: (وبعد أفعِل جره بالباء يجب)، معناه: أن مصدر العادم إذا أتيت بأفعل يجب جره بالباء، فتقول: أكثر باستغفاره، أشدد بعماه، وعلى هذا فقس.
أفادنا المؤلف في هذا البيت أننا إذا أتينا بالنائب الذي هو أشد أو أشدد، فإننا نحول الفعل المتعجب منه إلى مصدر منصوب بعد أشد، أو مجرور بالباء بعد أشدد بعد أفعل به.
قال المؤلف رحمه الله: [وباِلندور احكُم لغيْر مَا ذُكِرْ ولا تقس على الذي منه أثر].
(النادر): معناه: القليل جداً.
وقوله: (بالندور): متعلق باحكم يعني: احكم بالندور لغير ما ذكر مما خالف الشروط، فإذا وجدت شيئاً من كلام العرب مخالفاً لما قررته فقل: إنه نادر.
وهذا شأن النحويين رحمهم الله إذا فصلوا القواعد، فما ورد يقولون: إنه نادر، ولو أنهم قالوا: وإنه يجوز على سبيل الندور لكان الأمر هيناً، لكن يقول: (ولا تقس على الذي منه أثر).
(أثر) بمعنى: نقل، يعني: لا تقس على الذي نقل عن العرب مما خالف الشروط، وصاغوا منه التعجب.
وذكر ابن عقيل أمثلة، فقال: [ولا يقاس على ما سمع منه، كقولهم: ما أخصره، من اختصر، فبنوا أفعلَ من فِعْل زائد على ثلاثة أحرف وهو مبني للمفعول.
وكقولهم: ما أحمقه، فبنوا أفعل من فعلٍ الوصف منه على أفعل، نحو: حمق فهو أحمَق.
وقولهم: ما أعسَاه وأعسِ به، فبنوا أفعل وأفعل به من عسى، وهو فعل غير متصرف].
وعلى كل حال فالمؤلف رحمه الله تعالى يقول: هذا النادر لا يقاس عليه.
وعند أهل العلم في الفقه يقولون: إن النادر لا حكم له فالعبرة بالغالب، أما الشاذ الخارج عن النظائر فلا يقاس عليه إنما يعتبر به، ولا يحتج به.
وقولهم: ما أخصره كتاب، من اختصر، وبهذا يقال: هذا كتابٌ مختصر، فهذا مخالف للقاعدة، لأنه أكثر من ثلاثة، ولأنه مبني للمجهول.
ومع ذلك العرب يقولون: ما أخصره.