[الإمالة]
قال المؤلف: [الإمالة الألف المبدل من يا في طرف أمل كذا الواقع منه اليا خلف دون مزيد أو شذوذ ولما تليه ها التأنيث ما الها عدما] قال الشارح رحمه الله: [الإمالة عبارة عن أن ينحى بالفتحة نحو الكسرة، وبالألف نحو الياء.
وتمال الألف إذا كانت طرفاً بدلاً من ياء، أو صائرة إلى الياء دون زيادة أو شذوذ، فالأول كألف رمى ومرمى، والثانى كألف ملهى، فإنها تصير ياء في التثنية نحو ملهيان].
الإمالة كأنها والله أعلم من باب تحسين اللفظ، أو أنها لغة من اللغات.
يقول المؤلف: (الألف المبدل من يا في طرف)، ومثل الشارح بألف (رمى) والدليل أنك لو وصلت بها تاء الفاعل انقلبت ياء، فتقول: رميت.
قوله: (وكذا الواقع منه اليا خلف) أي التي تخلفه الياء وليس طرفاً فإنه أيضاً يمال، لكن دون مزيد أو شذوذ.
فالألف لما كان يصلح أن تبدلها ياءً صح أن تضجع حتى تكون قريبة من الياء، ولهذا بعضهم فسر الإمالة بالإضجاع، وليس بالإنحاء، مثل ألف (رمى) حيث أضجعت ولم تكتب قائمة، وكذا النطق، فهي إضجاع في الواقع.
قال الشارح: [واحترز بقوله: (دون مزيد أو شذوذ) مما يصير ياء بسبب زيادة ياء التصغير، نحو: قُفَيٌّ، أو في لغة شاذة كقول هذيل في (قفا) إذا أضيف إلى ياء المتكلم: قَفَيَّ.
وأشار بقوله: (ولما تليه ها التأنيث ما الها عدما) إلى أن الألف التي وجد فيها سبب الإمالة تمال وإن وليتها هاء التأنيث كفتاة].
هنا فائدة في الحاشية، وهي أن حكم الإمالة الجواز، فالحمد لله أنه لا يوجد منها شيء واجب، فمهما وجدت أسباب الإمالة فإن تركها جائز، والأسباب التي سيذكرها الناظم والشارح أسباب للجواز لا للوجوب، وذكر أن الإمالة لغة تميم ومن جاورهم، يعني أن غالب أهل نجد يميلون، والحجازيون لا يميلون إلا قليلاً.
قال المؤلف: [وهكذا بدل عين الفعل إن يؤل إلى فلت كماضي خف ودن] أي: بدل عين الفعل إذا كان يئول إلى فلت، مثل (خاف) فعينها الألف، وتئول عند نسبتها إلى تاء المتكلم إلى فلت، فتقول: خفت، ونام: نمت.
ودن: فعل أمر من دان يدين، فعندما تضيفها إلى تاء الفاعل تقول: دنت، فيقول: بدل عين الفعل أيضاً تمال.
قال ابن عقيل: [أي: كما تمال الألف المتطرفة -كما سبق- تمال الألف الواقعة بدلاً من عين فعل يصير عند إسناده إلى تاء الضمير على وزن (فِلْتُ) بكسر الفاء؛ سواء كانت العين واواً كخاف، أو ياء كباع وكدان، فيجوز إمالتها كقولك: خفت، ودنت، وبعت.
فإن كان الفعل يصير عند إسناده إلى التاء على وزن فُلْتُ -بضم الفاء- امتنعت الإمالة، نحو: قال وجال، فلا تملها، كقولك: قلت، وجلت].
أي: فالإمالة غالباً تكون بين الفتحة والكسرة، فأما الضمة فليس فيها إمالة، ولذلك فإن: قال وباع وخاف، لا نميل الألف فيها، لأنها عند إسنادها إلى تاء الفاعل تكون على وزن فُلْتُ، وهل يصح أن أقول: لأنها واوية؟
الجواب
لا؛ لأن (خاف) واوية، بدليل المصدر: خاف يخاف خوفاً، لكنها عند إسنادها إلى التاء تصير: خفت، مثل نام ينام نمت، مع أنها واوية، فإذاً نقول كما قال المؤلف: إذا كانت الألف في الأجوف عند إسناد الفعل إلى تاء الفاعل على وزن فِلتُ، جازت الإمالة، وإن كانت على وزن فُلتُ لم تجز الإمالة.
قال المؤلف: [كذاك تالي الياء والفصل اغتفر بحرف أو مع ها كجيبها أدر].
قال ابن عقيل: [كذاك تمال الألف الواقعة بعد الياء: متصلة بها نحو: بيان، أو منفصلة بحرف نحو: يسار، أو بحرفين أحدهما هاء نحو: أدر جيبها، فإن لم يكن أحدهما هاء امتنعت الإمالة، لبعد الألف عن الياء، نحو بيننا، والله أعلم].
قال المؤلف: [كذاك ما يليه كسر أو يلي تالي كسر أو سكون قد ولي كسراً وفصل الها كلا فصل يعد فدرهماك من يمله لم يصد].
قال ابن عقيل: [أي: كذلك تمال الألف إذا وليتها كسرة، نحو: عالم، أو وقعت بعد حرف يلي كسرة، نحو: كتاب، أو بعد حرفين وليا كسرة أولهما ساكن، نحو: شِملال، أو كلاهما متحرك ولكن أحدهما هاء، نحو: يريد أن يضربها.
وكذلك يمال ما فصل فيه الهاء بين الحرفين اللذين وقعا بعد الكسرة أولهما ساكن، نحو: هذان درهماك].
قال المؤلف رحمه الله: [وحرف الاستعلاء يكف مظهرا من كسر او يا وكذا تكف را إن كان ما يكف بعد متصل أو بعد حرف أو بحرفين فصل كذا إذا قدم ما لم ينكسر أو يسكن اثر الكسر كالمطواع مر].
قال ابن عقيل: [حروف الاستعلاء سبعة، وهي: الخاء والصاد والضاد والطاء والظاء والغين والقاف].
وهي مجموعة في قولك: خص ضغط قظ.
قال الشارح: [وكل واحد منهما يمنع الإمالة إن كان سببها كسرة ظاهرة أو ياءً موجودة ووقع بعد الألف متصلاً بها كساخط وحاصل، أو مفصولاً بحرف كنافق وناعق، أو حرفين كمناشيط ومواثيق.
وحكم حرف الاستعلاء في منع الإمالة يعطى للراء التي هي غير مكسورة، وهي المضمومة نحو: (هذا عِذارٌ)، والمفتوحة نحو: (هذان عذاران)؛ بخلاف المقصورة على ما سيأتي إن شاء الله.
وأشار بقوله: (كذا إذا قدم) إلى أن حرف الاستعلاء المتقدم يكف سبب الإمالة ما لم يكن مكسوراً أو ساكناً إثر كسرة، فلا يمال نحو: صالح وظالم وقاتل، ويمال نحو: طلاب وغلام وإصلاح].
قال المؤلف: [وكف مستعل ورا ينكف بكسر را كغارما لا أجفو] قال الشارح: [يعني أنه إذا اجتمع حرف الاستعلاء أو الراء التي ليست مكسورة مع المكسورة غلبتهما المكسورة وأميلت الألف لأجلها، فيمال نحو: على أبصارهم، ودار القرار، وفهم منه جواز إمالة نحو (حمارك)؛ لأنه إذا كانت الألف تمال لأجل الراء المكسورة مع وجود المقتضي لترك الإمالة وهو حرف الاستعلاء أو الراء التي ليست مكسورة فإمالتها مع عدم المقتضى لتركها أولى وأحرى].
قال المؤلف: [ولا تمل لسبب لم يتصل والكف قد يوجبه ما ينفصل].
قال الشارح: [إذا انفصل سبب الإمالة لم يؤثر، بخلاف سبب المنع فإنه قد يؤثر منفصلا فلا يمال (أتى قاسم) بخلاف (أتى أحمد)] قال المؤلف: [وقد أمالوا لتناسب بلا داع سواه كعمادا وتلا] قال الشارح: [قد تمال الألف الخالية من سبب الإمالة لمناسبة ألف قبلها مشتملة على سبب الإمالة، كإمالة الألف الثانية من نحو عمادا لمناسبة الألف الممالة قبلها وكإمالة ألف (تلا) كذلك].
أي: (تلا) معطوفة على (عمادا) فأمليت ألفها لمناسبة الإمالة في الكلمة قبلها.
قال المؤلف: [ولا تمل ما لم ينل تمكنا دون سماع غير ها وغير نا] قال الشارح: [الإمالة من خواص الأسماء المتمكنة، فلا يمال غير المتمكن إلا سماعاً؛ إلا ها ونا فإنهما يمالان قياسا مطردا نحو (يريد أن يضربها)، ومر بنا].
الأسماء المتمكنة هي الأسماء المعربة، فكل الأسماء المبنية لا تمال إلا اسمين فقط، وهما (ها) التي هي ضمير المؤنث و (نا) التي هي ضمير المتكلم المعظم نفسه أو الذي معه غيره.
قال المؤلف: [والفتح قبل كسر راء في طرف أمل كللأيسر مل تُكف الكلف كذا الذي تليه ها التأنيث في وقف إذا ما كان غير ألف].
قال الشارح: [أي: تمال الفتحة قبل الراء المكسورة وصلاً ووقفاً، نحو: (بشرر) (وللأيسر مِل) وكذلك يمال ما وليه هاء التأنيث من نحو قيِّمة ونعمة].
الإمالة هنا إمالة حركة وهي الفتحة، بحيث تكون بين الفتحة والكسرة.