[متى تكون ذا موصولة ومتى تكون ملغاة]
والذي يدلنا على أن (ذا) ملغاة أو أنها اسم موصول هو الجواب.
فهذه آية من القرآن فيها قراءتان: (ويسألونك ماذا ينفقون قل العفوُ) (ويسألونك ماذا ينفقون قل العفوَ) فعلى أي القراءتين كانت ملغاة، وعلى أي القراءتين كانت موصولة؟
و
الجواب
على قراءة النصب تكون ملغاة، لأن اسم الاستفهام مفعول مقدم لينفقون، سواء كانت (ماذا) كلمة واحدة، أو (ما) اسم استفهام و (ذا) ملغاة زائدة، وهذا كما لو قلت: من رأيت؟ فمَنْ مفعول مقدم لرأيت.
ويكون الجواب: العفوَ، يعني: قل أنفقوا العفوَ.
وإذا قرأت: (العفوُ) بالرفع صار تقدير الكلام: ما الذي ينفقونه؟ فصارت (ما) مبتدأ، والذي اسم موصول خبره، وجملة (ينفقون) صلة الموصول، والعفو: خبر مبتدأ محذوف؛ أي: الذين ينفقون العفو، أو هو العفو.
ولزيادة التوضيح أقول: ذا التي تأتي بعد من أو ما الاستفهاميتين تكون اسماً موصولاً ويجوز إلغائها.
ومعنى إلغائها أن يكون وجودها كالعدم، فإما أن تجعل مع (ما) كلمة واحدة، وإما أن يقال: هي زائدة ولا محل لها من الإعراب.
فإذا جعلناها اسماً موصولاً صارت (ما) الاستفهامية مبتدأ، و (ذا) اسم موصول خبر، فإذا قلت: ماذا فعلت؟ وجعلتها اسماً موصولاً؛ يكون تقدير الجملة: ما الذي فعلت؟ وتعرب ما مبتدأ، والذي خبر، وفعلت صلة الموصول، والعائد محذوف والتقدير: ما الذي فعلته.
إذا قلت: ماذا فعلتَ؟ وكان التقدير: ما فعلت؟ فإن ذا ملغاة ومعنى ملغاة: زائدة مركبة مع (ما) أو (من)، فنعرب (ماذا) اسم استفهام مفعول مقدم، أو نقول: (ما) اسم استفهام مفعول مقدم و (ذا) زائدة، وفعلت: فعل وفاعل والمفعول هو (ما) المقدمة.
فإن أجاب المسئول فقال: خيراً، حمل (ذا) على أنها ملغاة لأن الفعل تسلط عليها والتقدير على جوابه: فعلت خيراً.
وإذا قال: خيرٌ، عرفنا أنه حمل (ذا) على أنها اسم موصول، وأن التقدير: ما الذي فعلت، فنعرب (ما) مبتدأ و (ذا) خبره، وفعلت: صلة الموصول، ويكون تقدير الكلام في جوابه: هو خير، أو: الذي فعلته خير.
فصارت (ما) و (من) إذا جاء بعدها (ذا) يجوز فيها وجهان: الوجه الأول: أن تلغى (ذا) في الكلام وتعتبر زائدة أو مركبة مع (ما) أو (من).
والوجه الثاني: أن تكون اسماً موصولاً.
يتعين الإلغاء إذا أتى بعدها اسم موصول مثل: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة:٢٥٥] {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [البقرة:٢٤٥] لئلا يجتمع موصولان في كلام واحد.
وقول بعضهم: إنه جائز، ونعرب الذي بدلاً من (ذا) غير صحيح؛ لأن البدل معناه أننا حملنا الكلام على أمر زائد وهو خلاف الأصل.
لكن أحياناً تأتي (ذا) اسم إشارة، وهي بعد ما أو من، مثل أن يأتي رجل يقرع الباب فتقول: (من ذا)، فذا اسم إشارة، ولم يذكرها ابن مالك؛ لأنها معلومة ولا توجد صلة ولا خبر، فإذا قلت (من ذا) فـ من: اسم استفهام مبتدأ أو خبر مقدم، وذا اسم إشارة خبر أو مبتدأ مؤخر.
ومما سبق يكون التقسيم: أولاً: تأتي (ذا) على أنها اسم إشارة مثل: من ذا؟ أي: من هذا؟ ثانياً: تأتي اسماً موصولاً، ويجوز إلغاؤها في مثل: من ذا قام، أو ماذا فعلت.
ثالثاً: تأتي ملغاة -ولابد- إذا وقع بعدها اسم موصول، وتكون إما زائدة، وإما مركبة مع (ما) أو (من).