للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[جملة الصلة خبرية لا إنشائية]

والجملة في كلام المؤلف جملة خبرية وليست طلبية، فهل تمثيله يدل على أنه يشترط في جملة صلة الموصول أن لا تكون جملة طلبية بناء على أن التمثيل يحدد الشروط، لأن الكتاب مختصر تؤخذ شروطه من الأمثلة؟

الجواب

نعم، هذا هو المشهور عند النحويين، فلا يصح أن تقول: جاءني الذي اضربه، فإن وقع مثل هذا في كلام العرب -والعرب يحكمون علينا ولا نحكم عليهم- فإنه يقدر لهذه الجملة الطلبية جملة خبرية، فنقدر (جاء الذي اضربه) بقولنا: جاء الذي يقال في حقه اضربه، وجملة (يقال) خبرية.

ولا يصح أن أقول: جاء الذي هل قام؛ لأن الجملة إنشائية استفهامية ويشترط أن تكون جملة الصلة خبرية.

فإذا جاء في كلام العرب مثل هذا التعبير (جاء الذي هل قام؟) فلا نقول إنه لحن أو خطأ في اللغة، إنما نقول: لابد أن نقدر شيئاً يصح به الكلام، فنقول: جاء الذي يقال في حقه هل قام؟ ولهذا قالوا في رجل استضافه قوم، وتركوه في النهار كله فما أعطوه شيئاً، ولما كان في الليل جاءوا بلبن أكثره ماء، ما جاءوا به في النهار لئلا يراه، فقال: حتى إذا جن الظلام واختلط جاءوا بمذق هل رأيت الذئب قط (المذق) المخلوط، بمذق: نكرة تحتاج إلى صفة، والصفة هي: (هل رأيت الذئب قط)، جملة استفهامية لا تصلح أن تكون صفة، قالوا: التقدير: جاءوا بمذق مقول فيه هل رأيت الذئب قط.

فصور أن لون هذا اللبن أشهب رمادي، والشاعر اختار الذئب لأنه سبع يأتي في الليل، فكأنه قال: هذا اللبن لونه لون الذئب، وزمن حضوره زمن حضور الذئب.

على كل حال هذا جئنا به ليعلم أنه إذا جاء في كلام العرب ما يخالف قواعد النحويين، فإن قواعد النحويين لا تحكم على كلام العرب، بل يجب أن نقدر ما يصح به الكلام على القواعد.

ولقائل أن يقول: ما دمنا أسسنا أننا لا نحكم على العرب فلماذا لا نقول: إنه إذا فهم المعنى فلا حرج أن تكون الجملة خبرية أو إنشائية؟ ولهذا لو قال قائل: جاء الذي ما أظرفه! فإننا نقدر فنقول: جاء الذي يقال فيه: ما أظرفه.

وإذا قلت: حضر الطلبة الذين ما أفهمهم للنحو! نقول: هذا -إن شاء الله- تعبير صحيح لفظاً ومعنى، لكن على القواعد نقدر: الذين يقال فيهم: ما أفهمهم!