[حكم حذف حرف النداء مع المندوب]
يقول المؤلف: [وغير مندوب ومضمر وما جا مستغاثاً قد يعرى فاعلما] وغير مندوب ومضمر وما جا مستغاثاً قد يعرى من حرف النداء، تقول مثلاً: يا زيد، وتقول: زيد.
وسواء كان قريباً أو بعيداً، فتحذف حرف النداء.
وابن مالك يقول: (وغير مندوب)، فإذا قال: واظهراه، واصديقاه، واسيارتاه، وناقتاه، وما أشبه ذلك، نقول: فلا يجوز أن تحذف (وا)، لأنه مندوب.
ووجه ذلك أننا لو حذفنا هذا لم نعلم أن ذلك ندبة، وهو حرف جيء به ليدل على معنى خاص في النداء فلا يجوز أن يحذف، ولو حذفناه لفات هذا الغرض.
قوله: (ومضمر) يعني: المنادى المضمر لا تحذف منه ياء النداء، وظاهر كلام المؤلف أن الضمير ينادى مطلقاً.
وقال بعض النحويين: إن الضمير لا ينادى مطلقاً.
وقال آخرون: ينادى ضمير المخاطب دون غيره، فيقال: يا إياك قد أغثتك، يا إياك قد نفعتك.
ظاهر كلام ابن مالك أنه يجوز نداء ضمير الغائب، ولكن المشهور عدم الجواز.
ولو قيل: بعدم الجواز إلا فيما ورد به السماع لكان وجيهاً، فهو يحفظ ولا يقاس عليه.
وقوله: (وما جا مستغاثاً) كأن تستغيث الله عز وجل فتقول: يا لله للمسلمين.
فـ (يا) تدخل على المستغاث، وتكون اللام مفتوحة فيه، تقول يا لله للمسلمين.
وتقول: يا لرجل المرور لقاطع الإشارة، تستغيث برجل المرور لقاطع الإشارة.
وإعراب: (فاعلما).
(الفاء) حرف عطف، و (اعلما) أصلها (اعلم) فعل أمر مبني على السكون وحرك بالفتح لمناسبة ألف الإطلاق.
قال: [وذاك في اسم الجنس والمشار له قل ومن يمنعه فانصر عاذله] (وذاك) المشار إليه التعرية، يعني أن حذف حرف النداء في اسم الجنس وفي اسم الإشارة قليل.
مثال ذلك في اسم الجنس، تقول: يا نهار ما أطولك، يا ليل ما أطولك، يا جمل ما أحرنك، وما أشبه ذلك.
فاسم الجنس حذف الياء منه قليل، فتقول: ثوبي حجر، واسم الجنس ليس كالعلم الذي يوجه له الخطاب فلذلك لا تحذف منه الياء.
وكذلك في اسم الإشارة تقول: يا هذا ما أغفلك، يصف فلاناً بالغفلة، وحذف الياء قليل، ومنه قول الشاعر: ذا ارعواء فليس بعد اشتعال الرأس شيباً إلى الصبا من سبيل الشاهد قوله: (ذا ارعواء) يعني يا هذا، فحذف الياء في اسم الإشارة قليل.
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يجوز أنه تحذف ياء من اسم الجنس ومن اسم الإشارة، ولكن ابن مالك يقول: (من يمنعه فانصر عاذله) أي: لائمه، أي: من يقول: إنه لا يجوز حذف ياء النداء في اسم الجنس وفي اسم الإشارة، وجاء أحد يلومه فانصر اللائم.
والحقيقة أن مثل هذا الترتيب يعتبر في البلاغة تعقيداً؛ لأنك لا تكاد تفهم المعنى منه.
لكن ضرورة الشعر تلجئه رحمه الله إلى أن يقول مثل هذا الكلام.