قال المصنف رحمه الله تعالى:[ومنتهى المندوب صله بالألف متلوها إن كان مثلها حذف] سبق أن المندوب خالف المنادى في أنه لا يندب المنكر، ولا المبهم، إلا ما استثني من المبهم، كذلك يخالف المنادى في قوله:(ومنتهى المندوب صله بالألف)، أي: أن المندوب منتهاه يوصل بالألف، فإذا قلت: يا زيدُ، فهذا منادى، بدون ألف، وتقول في الندبة: وازيدا، بألف في آخره.
وقول المؤلف:(صله بالألف).
هذا أمر، والأصل في الأمر الوجوب، لكن له قرينة صارفة، فالأمر ليس للوجوب.
فقوله:(صله) ليس واجباً إلا إذا التبس بالمنادى بحيث تكون أداة الندبة (يا) وإذا لم يصله بالألف التبس، فحينئذ تتعين الألف، وإلا فلا تجب، ولماذا لا تجب؟ لأن الندبة معلومة بالحرف المختص بها وهو (وا)، لكن إذا جاءت (يا) وصار لو لم نصله بالألف التبس بالمنادى؛ وجب علينا حينئذ أن نوصله، تقول: وازيدا، وإذا وقفت فزد هاء السكت، كما سيأتي، فتقول: وازيداه، وهذا متفجع عليه، وتقول: وارأساه، واظهراه، وهذا متوجع منه، وما أشبه ذلك.
ومن المتفجع عليه قول فاطمة رضي الله عنها حين توفي الرسول عليه الصلاة والسلام:(وا أبتاه).
إذاً: استفدنا من كلام المؤلف أن المندوب يخالف المنادى أيضاً في أمر ثالث وهو وصل آخره بالألف.
قوله:(متلوها إن كان مثلها حذف)، (متلوها) أي: التي كانت تالية له، فهي تالية والسابق متلو، أي: أن ألف الندبة إذا سبقها ألف وكان مثلها فإنه يحذف؛ وذلك لأنه التقى ساكنان: الألف التي في أصل الكلمة، وألف الندبة، وإذا التقى ساكنان وهما حرفا لين حذف أحدهما، قال ابن مالك: إن ساكنان التقيا اكسر ما سبق وإن يكن ليناً فحذفه استحق ولو قال قائل: لماذا لا نحذف ألف الندبة ونترك الألف التي في الأصل لأنها أصلية؟ فنقول: لا، بل نحذف الأولى؛ لأن هذا هو الأصل.
ولأن ألف الندبة جيء بها لمعنى، فلو حذفناها فات هذا المعنى.
مثال ذلك: واحد عنده موسى للحلاقة، فانكسر عليه، فقال: واموساه، فالألف هذه هي ألف الندبة، وألف موسى حُذفت؛ لأن ابن مالك يقول:(متلوها إن كان مثلها حذف).
إذاً: متلوها هو الذي يأتي قبلها، فهي تالية له (اسم فاعل)، والذي قبلها متلو (اسم مفعول)، فإن كان مثلها حذف.