ثم قال المؤلف:(وإن نعوت كثرت وقد تلت مفتقراً لذكرهن أتبعت) إذا تكررت النعوت وكان المنعوت لا يتعين بدونها وجب الإتباع وهذا معنى قوله: (وقد تلت).
قوله:(أتبعت) هذا جواب الشرط.
أي أن المنعوت إذا نعت بأكثر من نعت وكان لا يتعين إلا بها كلها فإنه يجب الإتباع ولا يجوز القطع؛ تقول مثلاً: رأيت عيسى الفاضل المجتهد الكريم.
فإذا كان يتعين بدونها جاز القطع، لأنه متعين بدون هذه النعوت، فنقول (الفاضل) تابع وما بعده يجوز أن يكون تابعاً ويجوز أن يكون مقطوعاً، فتقول: رأيت عيسى الفاضلَ المجتهدُ الكريمُ، هذا قطع.
ونقول: جاء غانم الدءوب الكريم الشجاع، فيجوز القطع لأنه لا يوجد عندنا إلا غانم واحد.
فالقاعدة: أنه إذا كان هذا المنعوت متعيناً بدون النعوت فإنه يجوز فيما عدا الأول القطع، وأما إذا كان لا يعرف إلا بها وجب الإتباع.
فإذا كان عندنا رجلان كل منهما اسمه محمد وهو كريم وشجاع، فيجب الإتباع فتقول: جاء محمدٌ الكريمُ الشجاعُ المجتهدُ؛ لأنه لا يعرف بدونها، أما إذا كان يعرف بأول نعت أو بدونها فإنه يجوز القطع فيما عدا الأول.
والقطع معناه ألا تجعله تابعاً له في الإعراب، بل تجعله مرفوعاً على أنه خبر لمبتدأ محذوف، أو منصوباً على أنه مفعول لفعل محذوف، مثاله: جاء محمدٌ الفاضلُ المجتهدَ الكريمَ: نقول: الفاضل: نعت.
والحاصل: أن النعوت إذا كثرت والمنعوت واحد فلا يخلو من حالين: إما أن يفتقر إليها وإما ألا يفتقر، ومعنى كونه مفتقراً إليها أنه لا يتعين بدونها ولا يعرف بدونها، كما لو قلت مثلاً: جاء زيد الكريم الشجاع القرشي، وكان يوجد زيد كريم شجاع تميمي، فعندنا ثلاثة نعوت، لكنه لا يتعين إلا بالثالث؛ لأنك إذا قلت: جاء زيد الكريم الشجاع لا ندري أهو التميمي أم القرشي، وإذا قلت: القرشي، تعين، وعلى هذا فيجب الإتباع في كل هذه النعوت؛ لأنه لا يتعين بدونها، ولهذا قال:(وإن نعوت كثرت وقد تلت مفتقراً لذكرهن أتبعت).