[صيغتا التعجب]
قال ابن مالك رحمه الله تعالى: [بأفعل انطق بعد ما تعجبا أو جئ بأفعل قبل مجرور ببا] قوله: (تعجباً) يصح أن تكون مفعولاً لأجله، أي: لأجل التعجب، أو مصدراً في موضع الحال، أي: متعجباً.
و (ما): يقولون: إنها نكرة تامة، ولكن عند الإعراب تقول: (ما) تعجبية، مثال هذا: ما أجود النبي صلى الله وعليه وسلم، فتقول: (ما): تعجبية اسم مبني على السكون في محل رفع.
و (أجود) فعل ماض مبني على الفتح، وفاعله مستتر وجوباً تقديره هو يعود على (ما) مع أن القاعدة: أن ما كان تقديره (هو) يقال: مستتر جوازاً.
لكن هنا يقولون: إنه مستتر وجوباً؛ لأن هذه الصيغة جرت مجرى المثل عند العرب، فلا يغيرونه، ولا يمكن أن يقولوا: ما أجمل كذا وكذا، فينطقون به.
(النبي): مفعول به منصوب بفتحة ظاهرة.
ويقال: إن أبا الأسود الدؤلي سمع ابنته وهي تقول: ما أحسنُ السماءِ؟ فقال لها: نجومها؛ لأن الصيغة التي قالت استفهامية، يعني: أحسن السماء نجومها.
فقالت: لست أسأل عن ذلك، ولكني أعجب من حسنها.
فقال لها: هلا فتحت فاك، يعني قولي: ما أحسنَ السماءَ.
وإعرابها أن تقول: (ما): تعجبية اسم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.
(أحسن):فعل ماض، وفاعله مستتر وجوباً تقديره هو يعود على ما.
(السماء): مفعول به منصوب بفتحة ظاهرة، والجملة من الفعل والفاعل خبرها.
قال: (أو جئ بأفعل قبل مجرور ببا) فتقول مثلاً: أجمل بعمر، يعني: ما أجمله، فـ (أجمل) فعل أمر لفظا لكنها خبر في المعنى، ولذلك جاء الفاعل بها بارزا، فـ (أجمل) فعل تعجب مبني على السكون، و (الباء): حرف جر زائد، و (عمرو): فاعل مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، وهذا الحرف زائد وجوباً، لا يمكن حذفه، فلا نقول: أجمل زيد، وقد يحذف شذوذاً في الشعر، لكنه في النثر لا يحذف.
وكلا الصيغتين موجودة في القرآن قال الله تعالى: (فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} [البقرة:١٧٥] وقال تعالى: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا) [مريم:٣٨]، يعني: ما أسمعهم وما أبصرهم يوم يأتوننا.
قال المؤلف: [وتلو أفعل انصبنه كما أوفى خليلينا وأصدق بهما] و (تلو) مفعول به لفعل مقدر يفسره ما بعده وهذا من باب الاشتغال، فأصله: وانصب تلو وأفعل، فالفعل اشتغل بضميره، ولكنه يترجح النصب هنا.
(كما أوفى) الكاف حرف جر (ما أوفى خليلينا) كلها اسم مجرور بالكاف وعلامة جره الكسرة المقدرة على آخره منع من ظهورها الحكاية.
و (ما): تعجبية اسم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.
(أوفى): فعل ماض مبني على الفتح المقدر على آخره منع من ظهوره التعذر، والفاعل مستتر وجوبا تقديره هو يعود على: (ما).
و (خليلينا): مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه مثنى، وهو مضاف و (نا) ضمير مبني على السكون في محل جر.
وقوله: (أصدق بهما) (أصدق) فعل تعجب مبني على السكون، (بهما) الباء حرف جر زائد، و (الهاء) ضمير مبني على السكون في محل جر باعتبار حرف الجر الزائد، وإلا فحقه أن يكون ضمير رفع.