متى يكون المنادى منصوباً
قال ابن مالك: (والمفرد المنكور والمضافا وشبهه انصب عادماً خلافا) يعني: وانصب النكرة، والمراد بالمفرد هنا ما ليس مضافاً ولا شبهه، والمفرد النكرة ينصب، ولهذا قال: (انصب)، فتقول مثلاً: يا رجلاً أنقذ فلاناً، وذلك مثل قول الأعمى: يا رجلاً خذ بيدي؛ ما قصد رجلاً معيناً إنما قصد أي رجل من الرجال، فيكون نكرة فينصب بالفتح، فتقول: يا رجلاً افعل كذا وكذا؛ تخاطب أي رجل.
وتقول أيضاً: يا طالباً كن مجداً تخاطب أي طالب، فيكون منصوباً.
وتقول: يا مسلمين؛ لا تخاطب مسلمين معينين.
وقوله: (والمضافا) فالمضاف أيضاً ينصب عند النداء مثل: يا عبد الله، تقول: (يا) حرف نداء، و (عبد) منادى منصوب بياء النداء وعلامة نصبه فتحة ظاهرة في آخره، و (عبد) مضاف ولفظ الجلالة مضاف إليه.
وقال النبي عليه الصلاة والسلام: (يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم من الليل فترك قيام الليل).
ومثله أيضاً: (يا عبادي) في قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر:٥٣].
وتقول أيضاً: يا غلام زيد أقبل، فـ (الياء) حرف نداء و (غلام) منادى منصوب بالفتحة الظاهرة، و (غلام) مضاف و (زيد) مضاف إليه مجرور بالإضافة، وعلامة جره الكسرة الظاهرة في آخره.
قال: (وشبهه انصب عادماً خلافاً) شبه المضاف: هو ما تعلق به شيء من تمام معناه: إما أن يكون فاعلاً، أو مفعولاً به أو مجروراً، تقول: يا كريماً أبوه أقبل، (كريماً) هنا منادى معين لكنه شبيه بالمضاف؛ لأنه تعلق به شيء من تمام معناه والمتعلق به هنا فاعل.
ومثال المفعول به يا بائعاً ثوبه، هذا تعلق به شيء من تمام معناه مفعولاً به، ومثله: يا طالعاً جبلاً، فـ (طالعاً) هذه نكرة معينة مراده، لكنه تعلق به شيء من تمام معناه فصار شبيهاً بالمضاف.
أما المجرور فتقول: يا لطيفاً بالعباد كن بي لطيفا، فـ (لطيفاً) هذه نكرة مقصودة موجهة إلى الله عز وجل، لكن (بالعباد) تعلق بها ليتمم معناها وهو مجرور بحرف الجر.
وإذا قلت: يا قارئاً كتابه تأمله، التعلق هنا بالمفعول.
ولو قلت: يا قارئ الكتاب، أصبح مضافاً وليس شبيهاً بالمضاف فلهذا يقولون: إن هذا شبيه بالمضاف.
وقولك: يا كريماً أبوه، مثل قولك: يا كريم الأب، فهو شبيه بالمضاف تماماً، وعلى هذا فقس.
فصار الذي ينصب ثلاثة أشياء هي النكرة غير المقصودة، والمضاف، والشبيه بالمضاف.
وشيئان يبنيان على ما يرفعان به وهما: العلم، والنكرة المقصودة.
قال: (وشبهه انصب عادماً خلافا) فـ (عادماً) حال من فاعل (ينصب)، و (خلافاً) مفعول لعادم، يعني كأن ابن مالك رحمه الله يقول: إن العرب أجمعوا على أن هذه الثلاثة تنصب.