[لا التي لنفي الجنس]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [لا التي لنفي الجنس: عمل إنَّ اجعل للا في نكره مفردة جاءتك أو مكرره فانصب بها مضافاً أو مضارعه وبعد ذاك الخبر اذكر رافعه] هذا من حسن ترتيب المؤلف رحمه الله؛ لأنه لما ذكر الأفعال الناسخة وهي كان وأخواتها؛ ذكر بعدها الحروف الناسخة التي تعمل عمل كان وأخواتها، وهي: ما وإن ولا ولات المشبهات بليس.
ولما ذكر الحروف الناسخة التي تعمل على نصب الاسم ورفع الخبر؛ ذكر بعدها الحروف التي تعمل هذا العمل، وإن كانت تختلف عنها بعض الشيء.
يقول رحمه الله: (لا التي لنفي الجنس)، أي: لنفي جنس مدخولها، وتكون في ذلك نصاً في العموم؛ لأنك إذا قلت: لا رجلَ في البيت، فالمعنى: لا يوجد هذا الجنس في البيت، لا واحد ولا اثنان ولا أكثر، فتنفي الجنس، ولهذا قالوا: إنها نص في العموم، بخلاف ما إذا قلت: لا رجلٌ في البيت، فإنه ليس نصاً في العموم، إذ يحتمل أن المعنى: لا رجلٌ واحد في البيت، أما إذا قلت: لا رجلَ في البيت، فلا يمكن أن تقول: بل رجلان، أما إذا قلت: لا رجلٌ في البيت، فيصح أن تقول: بل رجلان.
فـ (لا) إذاً لنفي الجنس، أي: لنفي جنس مدخولها الشامل للواحد والمتعدد.
أما عملها فقال: (عمل إنّ اجعل للا في نكرة).
عمل: مفعول مقدم لاجعل، وهو مضاف إلى إنّ باعتبار لفظها.
للا: جار ومجرور متعلق باجعل.
في نكرة: جار ومجرور أيضاً متعلق باجعل، والتقدير: اجعل عمل إنَّ للا في النكرة.
والمعنى: أن لا النافية للجنس تعمل عمل إنَّّ في النكرات خاصة، ولا تعمل في المعارف، ولهذا قالوا: إن قول القائل: لا إله إلا الله، لا يمكن أن نجعل لفظ الجلالة خبر (لا)؛ لأن (لا) لا تعمل إلا في النكرات، لكن نجعله بدلاً من خبر (لا) المحذوف، والتقدير: لا إله حق إلا الله.
قوله: (مفردة جاءتك أو مكررة).
مفردة: حال من فاعل جاءتك المستتر.
أو مكرره: معطوف على مفردة.
والمعنى: سواء جاءتك (لا) مفردة -والمراد بالإفراد هنا ما لم تكرر- أو جاءتك مكررة، ونفهم أن المراد بالمفردة ما لم يتكرر من قوله: أو مكررة؛ لأن هذه قسيم لها، فأفادنا رحمه الله بأن (لا) تعمل في النكرات، وأنها تعمل مفردة وتعمل مكررة، وسيأتي إن شاء الله حكم عملها إذا كانت مكررة.