[صلة الموصول يجب أن تكون جملة أو شبه جملة]
إذاً: يشترط في جملة الصلة شروط: الشرط الأول: أن تكون بعد الموصول.
الثاني: أن تكون مشتملة على ضمير مطابق.
والثالث: أن تكون جملة، أو شبه جملة؛ ولهذا قال: [وجملة أو شبهها الذي وصل به].
جملة: خبر مقدم.
أو شبهها: معطوف عليه.
الذي: مبتدأ مؤخر.
وصل به: صلة الموصول.
ومعنى البيت: والذي وصل به جملة، أو شبه جملة، يعني: أن صلة الموصول تكون جملة، وتكون شبه جملة.
فالجملة: إما أن تكون جملة فعلية، وإما أن تكون جملة اسمية.
وشبه الجملة: إما ظرف، أو جار ومجرور.
ولا يمكن أن تكون اسماً مفرداً؛ فلا يجوز أن تقول: جاء الذي أبوه، لأنها لم تتم.
وضرب المؤلف مثالين فقال: [كمن عندي الذي ابنه كفل].
(من) بمعنى الذي، و (عندي) ظرف، وهو صلة الموصول، فهو شبه جملة.
(الذي ابنه كفل) الذي: اسم موصول.
وابن: مبتدأ.
وجملة (كفل) خبره، والجملة صلة الموصول.
وفي المثالين مع ما سبقهما لف ونشر غير مرتب؛ لأنه في الأول قال: (جملة أو شبهها)، فبدأ بالجملة، وفي التمثيل بدأ بشبه الجملة، وهذا لف ونشر غير مرتب، والبلاغيون يقولون: لف ونشر مشوش، ولكننا نبعد التشويش، نقول: لف ونشر غير مرتب.
تأمل قوله: (من عندي) وقد تقرر في القواعد أن كل ظرف أو جار ومجرور لا بد له من متعلق؛ ولهذا سميناه شبه جملة، والمتعلق في شبه الجملة فعل محذوف ولابد، فمثلاً: من عندي، التقدير: من استقر عندي.
تقول: جاء الذي عندي، يقدر المحذوف: جاء الذي استقر عندي.
وإن شئت أن تبين المتعلق الخاص فتقول: جاء الذي سكن عندي؛ لأن الاستقرار معنى واسع والسكنى معنى خاص، فلك أن تقدر المعنى الخاص، ولك أن تقدر المعنى العام.
وعلى كل حال فالمحذوف في شبه الجملة إذا وقعت صلة الموصول هو فعل ولابد.
فإذا قال قائل: أليس ابن مالك يقول: [وأخبروا بظرف أو بحرف جر ناوين معنى كائن أو استقر] وكائن ليست فعلاً، قلنا: هناك فرق بين هذا وهذا؛ لأن الأصل أن يكون الخبر غير جملة؛ ولهذا قال: (ناوين معنى كائن) فقدم الاسم.
وصلة الموصول الأصل فيها أن تكون جملة ولا يوصل الموصول بمفرد؛ ولهذا فلو قال إنسان: جاء الذي عندي، فإذا قدرت: جاء الذي مستقر عندي؛ قلنا: لا يجوز، بل لا بد أن تقدر: جاء الذي استقر عندي، لتتم الجملة؛ لأنك لو قلت: جاء الذي مستقر عندي لزم أن تقدر مبتدأً يكون مستقراً خبره، فيكون عندنا محذوفان، وإذا قدرنا (استقر) فالمحذوف واحد؛ وكلما قل الحذف فهو أولى.
الخلاصة: صلة الموصول يجب أن تكون جملة، أو شبه جملة.
وشبه الجملة يجب أن يقدر لها فعل تتعلق به، فقوله: (من عندي) أصلها: الذي استقر عندي، وإذا قلت: جاء الذي في البيت، نقول: (في البيت) جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة الموصول، والتقدير: جاء الذي سكن في البيت، أو استقر في البيت، أو ما أشبه ذلك.
والجملة التي ذكرها المؤلف (الذي ابنه كفل) اسمية؛ لأن الجملة الاسمية هي التي تبتدأ باسم، والجملة الفعلية هي التي تبتدأ بفعل، والجملة هنا "ابنه كفل" ابن: اسم.
إذاً: المؤلف مثل لشبه الجملة بالظرف، ومثل للجملة بالجملة الاسمية، ومثال الجملة الفعلية قول الله تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ} [الزمر:٣٣] جاء فعل ماض، فهذه جملة فعلية.