[إعمال المهمل من العاملين في ضمير ما تنازعاه]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [وأعمل المهمل في ضمير ما تنازعاه والتزم ما التزما كيحسنان ويسيء ابناكا وقد بغى واعتديا عبداكا] قوله: (أعمل) الخطاب لقارئ هذه الألفية، وهو فعل أمر، وفاعله مستتر وجوباً تقديره أنت.
المهمل: مفعول أعمل.
في ضمير: جار ومجرور متعلق بأعمل، وهو مضاف إلى (ما) الذي هو اسم موصول، أي: أعمل المهمل في ضمير الذي.
تنازعاه: فعل وفاعل ومفعول به، والجملة صلة الموصول (ما).
قوله: (والتزم ما التزما) أي: التزم ما التزم من مطابقة الضمير للظاهر في الإفراد والتذكير وغير ذلك.
ومعنى البيت: أننا نعمل المهمل في ضمير ما تنازعاه، ثم ضرب مثالاً فقال: (كيحسنان ويسيء ابناكا وقد بغى واعتديا عبداكا) أتى بمثال ينطبق على رأي الكوفيين ورأي البصريين، فقوله: (يحسنان ويسيء ابناكا) على رأي البصريين؛ لأنهم يعملون الثاني، ولذلك وجد الضمير في الأول، إذاً نقول: يحسنان: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون، والألف فاعل.
ويسيء: الواو: حرف عطف، يسيء: فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة.
ابناكا: فاعل يسيء، وهو مضاف والكاف مضاف إليه، والألف للإطلاق.
وقوله: (وقد بغى واعتديا عبداكا)، على رأي الكوفيين: بغى: فعل ماض مبني على فتح مقدرة على آخره، واعتديا: فعل ماض وفاعل.
عبداكا: فاعل (بغى) مرفوع بالألف نيابة عن الضمة لأنه مثنى، وهو مضاف إلى الكاف، والألف للإطلاق.
وخلاصة الكلام: أولاً: أنه لا غرابة أن يتعدى فعل واحد إلى أكثر من معمول.
ثانياً: إذا تعدد العامل والمعمول واحد فهذا يسمى التنازع؛ لأن كل واحد من العاملين ينازع الآخر في هذا المعمول، فما الذي يعمل؟ في هذا خلاف بين العلماء: فالكوفيون قالوا: يعمل الأول لسبقه، والبصريون قالوا: يعمل الثاني لقربه.
فإذا كان الضمير ضمير رفع فإنه يضمر في المهمل منهما، فإن أهملت الأول على رأي البصريين فأعمله في الضمير، وإن أهملت الثاني فكذلك أعمله في الضمير، والمثال الذي ذكره ابن مالك واضح.