للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفضيل ابن مالك ألفيته على ألفية ابن معط وثناؤه عليه]

قوله: (فائقة ألفية ابن معط): أي: فائقة ألفية ابن معط في أنها أكثر جمعاً للمسائل، وفي أنها على بحر واحد بخلاف ألفية ابن معط، وأيضاً هي أجمع منها وأسلس في اللفظ وأشد اتفاقاً، حيث إنها على بحر واحد بخلاف ألفية ابن معط؛ ولكن ابن مالك رحمه الله لما عنده من العدل بيَّن ما لـ ابن معط من الفضل، فقال: (وهو بسبق حائز تفضيلا).

قوله: (وهو) أي ابن معط.

(بسبق): الباء للسببية، أي: بسبب سبقه لنظم ألفية في النحو، وليس المراد بسبب سبقه بالزمن؛ لأن السابق بالزمن قد يكون له فضل وقد لا يكون.

(حائز تفضيلا): أي مدرك للتفضيل بسبب سبقه لنظم ألفية في النحو، ووجه ذلك أنه لما سبق إلى هذا فتح الباب للناس ليسيروا على منواله، فكان له فضل القدوة والأسوة.

(مستوجب ثنائي الجميلا): أي مستحق للثناء الجميل.

وقوله: (ثنائي الجميلا) هل الجميل صفة كاشفة أو هي صفة مقيدة؟ ينبني الجواب على الخلاف بين العلماء: هل الثناء لا يكون إلا في الخير؟ فإن كان الثناء لا يكون إلا في الخير كان قوله (الجميلا) صفة كاشفة، وإن كان الثناء يكون في الخير والشر فإنها صفة مقيدة، والصحيح أنه يكون في هذا وفي هذا، كما في الجنازة التي مرت فأثنوا عليها شراً فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (وجبت)، فالثناء يكون بالخير ويكون بالشر حسب ما يضاف إليه، وبناء على هذا يكون قوله (الجميلا) صفة مقيدة.

على أنه يمكن أن نقول: حتى وإن كان الثناء لا يكون إلا في الخير فإن الجميل صفة مقيدة؛ لأن مطلق الثناء في الخير قد يكون جميلاً وقد يكون دون ذلك.

إذاً: مستوجب الثناء أنه سبق إلى نظم الألفية وفتح الباب للناس، ومن دل على خير فهو كفاعله، وفي الحديث: (من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة).