[حالات الاتباع والإضافة عند اجتماع الاسم واللقب]
قال المؤلف: [وإن يكونا مفردين فأضف حتماً وإلا أتبع الذي ردف] إن يكونا: أي: الاسم واللقب، (مفردين) والمفرد هنا ما ليس بمضاف ولا شبيهاً به، وليس المراد بالمفرد ما يقابل المثنى والجمع، لأن المثنى والجمع لا يكونان علمين، وإذا قدر أنه جعل علماً صار ملحقاً بالجمع وصار له حكم المفرد من حيث المعنى وحكم الجمع من حيث الإعراب.
يقول: (وإن يكونا مفردين فأضف حتماً وإلا أتبع الذي ردف) إن يكونا مفردين، مثل: محمد الفاتح، محمد اسم، والفاتح لقب، يقول المؤلف: إنه تجب الإضافة فتقول جاء محمد الفاتح؛ ولكن هذا أيضاً فيه نظر، والصحيح أنه تجوز الإضافة ويجوز القطع ويكون الثاني وصفاً لا سيما إذا قدمنا الاسم على اللقب؛ لأنه يشبه الصفة والموصوف، فيجوز: محمدُ الفاتحِ بالإضافة، ويجوز: محمدٌ الفاتحُ بالتنوين.
أما جاء محمدٌ الفاتحُ فلا إشكال فيها من حيث المعنى، وإنما الإشكال إذا قلنا جاء محمدُ الفاتحِ، إذ كيف صح أن يضاف الشيء إلى نفسه؟ يقول: هذا على تأويل، فيؤول الاسم الأول بمسمى والثاني بالاسم، ويكون التقدير على هذا: جاء مسمى هذا الاسم.
فالحاصل أن معنى قول المؤلف رحمه الله: (وإن يكونا مفردين فأضف) أي: إذا كان الاسم واللقب مفردين، وإنما حملنا ذلك على الاسم واللقب لأن الكنية لا بد أن تكون مضافة، ولا يمكن أن تأتي مفردة، إذ إن الكنية ما صدر بأب وأم وابن وعم وخال وما أشبه ذلك.
وليس المراد بالمفرد هنا المفرد في باب الإعراب؛ لأن المفرد في باب الإعراب ما ليس مثنى ولا مجموعاً ولا ملحقاً بهما، والمفرد هنا ما ليس بمركب، فإذا كانا مفردين قال: (فأضف حتماً) يعني: وجب أن يضاف الأول إلى الثاني.
مثاله: جاء علي قفة، فقفة: لقب، وعلي: اسم، وعلي مفرد، وقفة مفرد، فيجب على كلام المؤلف أن أقول: جاء عليُّ قفةَ، فأضيف الأول إلى الثاني، ولكن الصحيح خلاف ذلك، وأن الإضافة هنا جائزة، وليست بواجبة، بل سيأتينا إن شاء الله في باب الإضافة أنه لا يضاف اسم لما به اتحد معنى.
قال ابن مالك: ولا يضاف اسم لما به اتحد معنى وأول موهماً إذا ورد فهنا لا نوجب أن يضاف الأول إلى الثاني، بل أعلى ما نقول: إنه يجوز إضافة الأول إلى الثاني؛ وذلك لأن الإضافة تقتضي شيئين: أحدهما المضاف، والثاني المضاف إليه، والأصل فيهما التغاير، فلا يضاف الشيء إلى نفسه.
فإذا أضفنا وقلنا: (جاء عليُّ قفةَ) فإنه يؤول، فيقال: جاء ملقب هذا الاسم أو مسمى هذا اللقب، وذلك حتى يستقيم المعنى.
قال: (وإلا أتبع الذي ردف) يعني: وإلا يكونا مفردين، فيشمل ما إذا كانا مركبين، أو كان الأول مركباً والثاني مفرداً، أو كان الأول مفرداً والثاني مركباً.
وقوله: (أتبع) فعل أمر يقتضي الإلزام.
وأيضاً قوله: (أتبع) لم يذكر فيه نوع التابع، ولكنه يعرب على أنه عطف بيان لما قبله، أو بدل منه.
وقوله: (الذي ردف) هو الثاني، يعني: أتبع الثاني الأول.
والصور الثلاث داخلة تحت قوله: (وإلا) لكن ينبغي أن تكون الصورة التي فيها إفراد الأول وتركيب الثاني كالصورة التي يكون فيها الاثنان مفردين في الحكم؛ وذلك لأنهما إذا كانا مركبين تعذر إضافة الأول إلى الثاني، وإذا كان الأول مركباً والثاني مفرداً تعذر إضافة الأول إلى الثاني، وإذا كان الأول مفرداً والثاني مركباً لم يتعذر إضافة الأول إلى الثاني، كما لا تتعذر إضافة الأول إلى الثاني فيما إذا كانا مفردين.
وعلى هذا فالقياس أنه إذا كان الأول مفرداً والثاني مركباً جاز الوجهان: الإضافة والإتباع، فإذا قلت: (جاء علي زين العابدين)، ففي هذا المثال جاء الأول مفرداً والثاني مركباً فيجوز على القياس أن تقول: (جاء عليُّ زينِ العابدين)، ويكون التقدير: جاء مسمى هذا اللقب؛ وذلك لأن إضافة الأول إذا كان مفرداً إلى الثاني جائزة ليس فيها محذور.
ولو قلت: (جاء عبد الله زين العابدين) لتعين الإتباع؛ لأن كلاً منهما مركب.
ولو قلت: (جاء عبد الله قفة) لتعين الإتباع أيضاً؛ لأن الأول تتعذر إضافته إلى الثاني، فصارت الصور أربعاً: أن يكونا مفردين.
وأن يكون الأول مفرداً والثاني مركباً.
وأن يكونا مركبين.
وأن يكون الأول مركباً والثاني مفرداً.