[الاستغناء بالفاعل عن الخبر من غير اعتماد على نفي ولا غيره]
قال: (وقد يجوز نحو فائز أولو الرشد) المقصود أن الوصف هنا وهو (فائز) لم يعتمد على استفهام ولا نفي، ومع ذلك نقول في إعرابه: (فائز) مبتدأ، و (أولو) فاعل أغنى عن الخبر.
مع أنه لم يعتمد على استفهام ولا نفي، وهذا قد يجوز، و (قد) تفيد التقليل كما يقولون: قد يجود البخيل، وقد يكون الجبان شجاعاً.
ولهذا شاهد من كلام العرب، وهو قول الشاعر: خبير بنو لهب فلا تك ملغياً مقالة لهبي إذا الطير من مرت وبنو لهب مشهورون بالتطير، والشاهد: قوله: خبير بنو لهب، فـ (خبير) مبتدأ، و (بنو) فاعل سد مسد الخبر مع أن (خبير) لم يعتمد على استفهام ولا نفي.
إذاً يجوز في اللسان العربي أن يستغنى بمرفوع الخبر وإن لم يعتمد على نفي أو استفهام.
وكلام ابن مالك يدل على أن الأصل أنه لا يستغنى بمرفوع مبتدأ عن الخبر إلا إذا اعتمد على استفهام أو نفي، لكن قد يجوز على وجه قليل.
وهذا القول وسط بين قول الكوفيين السمحين الذين يقولون: يجوز أن يستغنى بمرفوع المبتدأ عن الخبر وإن لم يعتمد مطلقاً.
وبين المتشددين من البصريين الذين يقولون: لا يجوز أبداً.
وقالوا في قوله: (خبير بنو لهب): (خبير): خبر مقدم.
فقيل لهم: (خبير) مفرد و (بنو لهب) جمع، فكيف يخبر بالمفرد عن الجمع؟ قالوا: إن (فعيل) قد يخبر به عن الجمع، ومنه قوله تعالى: {وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم:٤]، ولم يقل: ظهيرون.
لكن الصواب ما ذهب إليه الكوفيون بناء على القاعدة العريضة عندنا: أنه إذا اختلف النحاة على قولين أخذنا بالأسهل، ولا إثم علينا، فمن يسر يسر الله عليه.
والخلاصة: أن كل مبتدأ لا بد له من خبر، وقد يستغنى بمرفوع المبتدأ عن الخبر إذا كان وصفاً معتمداً على استفهام أو نفي.
وقد يجوز أن يستغني المبتدأ بمرفوعه وإن لم يتقدم استفهام ولا نفي.