[مجيء اسم الفعل من المصدر]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [كذا رويد بله ناصبين ويعملان الخفض مصدرين].
(رويد) تأتي مصدراً، قال تعالى: {فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا} [الطارق:١٧]، وتأتي اسم فعل، تقول: رويد زيداً، أو رويدك زيداً، وفي هذه الحال تكون اسم فعل أمر، وكذلك (بله) ولكنها تستعمل أحياناً مصدراً، وإذا استعملت مصدراً فإنها لا تكون اسم فعل، بل تكون مصدراً مضافاً إلى ما بعده، ولهذا قال: (ويعملان الخفض مصدرين).
قوله: (وما لما تنوب عنه من عمل لها) أي: أن اسم الفعل يعمل عمل الفعل البليغ واسم له، فإن كان لازماً فهو لازم، وإن كان متعدياً فهو متعد، فمثلاً: صه، لازم؛ لأنه بمعنى اسكت، واسكت فعل لازم، فلا يتعدى إلى مفعول.
و (دونك الكتاب) متعد؛ لأنه بمعنى: خذ، فيكون ناصباً لمفعوله.
يقول المؤلف: (وأخر ما لذي فيه العمل) المشار إليه في قوله: (وأخر ما لذي) أسماء الأفعال، أي: أخر ما لأسماء الأفعال فيه العمل، أي: أن مفعولها لا يتقدم عليها، فمثلاً: دونك زيداً، لا يصح أن تقول: زيداً دونك.
وإذا قال قائل: يرد عليكم قوله تعالى: {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} [النساء:٢٤] فإن (كتابَ) مقدم على (عليكم)، وعليكم اسم فعل بمعنى: الزموا.
أجاب عنه المانعون فقالوا: (كتابَ) مفعول لفعل محذوف دل عليه (عليكم)، والتقدير: الزموا كتاب الله، ومجيء (عليكم) كتأكيد له.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [واحكم بتنكير الذي ينون منها وتعريف سواه بين].
(سواه) أي: سوى ما ينكر، أي: إذا أتيت باسم الفعل منوناً فهو عام، وإن أتيت به غير منون فهو خاص، مثلاً: سألني سائل في أثناء الدرس فقلت له: صهْ، فسأل سؤالاً آخر، فإنه لا يكون مخالفاً؛ لأن (صهْ) تعني اسكت عن هذا الكلام فقط؛ لأنها معرفة، فإن قلت: صهٍ، بالتنوين، فالمعنى: اسكت عن كل شيء، وهذا لا يعرفه إلا صاحب النحو.
إذاً: الفرق بين ما يراد به العموم وما يراد به الخصوص: إن نونت فهو للعموم، وإن لم تنون فهو للخصوص.
واحد مثلاً في الدرس وكان يتلفت، إن فتح الباب التفت، وإن تحرك أحد التفت، وإن أحد حرك المسجل التفت، وإن فتح الكتاب التفت، وقلت له: مهْ، فالمعنى: اكفف عن هذا الفعل المعين الذي فيه تشاغل عن الدرس.
وأما إذا قلت: مهٍ، فالمعنى: اكفف عن كل شيء، أي: لا تحرك شيئاً حتى الكتاب الذي معك، ولهذا يمكن أن يعرف المدرس هل فهم الطالب أم لا بهذه الطريقة، فإذا قال له: صهٍ، ثم سكت عن هذا الكلام وجاء بكلام آخر، فإنه يكون غير ممتثل، أما إذا قلت له: صهْ، ثم أتى بكلام آخر فإنه يكون ممتثلاً.