للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أسماء الإشارة للمكان]

قال: [وبهنا أو ههنا أشر إلى داني المكان وبه الكاف صلا في البعد أو بثم فه أو هَنَّا أو بهنالك انطقن أو هنا].

يعني: أن هنا أو هاهنا يشار بها إلى المكان القريب، فتقول: اجلس هنا، أو: اجلس هاهنا لمكان قريب، فللمكان القريب إشارتان: إحداهما: هنا، والثانية: هاهنا.

والبعيد؛ قال: (وبه الكاف صلا في البعد) إذا كان بعيداً وصل به الكاف، فتقول: اجلس هناك، يعني: بعيداً، اجلس هاهناك؛ يعني: بعيداً.

ثم إن البعد قد يكون بعداً حسياً، وقد يكون بعداً معنوياً حسب السياق، قال الله تعالى: {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} [الأحزاب:١١] هذا للبعيد؛ ولهذا قال: وبه الكاف صلا في البعد.

(أو بثم فه) فه يعني: انطق بثم للبعيد، ويقال: (اجلس ثم)، أي: في مكان بعيد، قال الله تبارك وتعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا} [الإنسان:٢٠] ومن الخطأ الشائع بين الناس أن يضموا الثاء من ثم، فيقولون: (ومن ثمُ حصل كذا وكذا)، وهذا خطأ واضح، لأنها تصبح حرف عطف، وظرف المكان أن يقال: ثم.

(أو بثم فه) فه فعل أمر، مضارعه: يفوه، ماضيه: فاه، أي: تكلم.

(أو هنّا) يعني: أو قل في مكان يشار للبعيد: هنّا.

والفرق بين هنا وهنّا أن هنّا أكثر حروفاً من هنا، فإنها تزيد حرفاً واحداً وهو التضعيف في النون.

قال العلماء: وزيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، وهذا في الغالب، ومن غير الغالب: شجرة وشجر، فالأكثر مبنى: (شجرة)، والأكثر معنى: (شجر).

قال: (أو بهنالك انطقن أو هِنا) هنالك: بدل (هنا)، وهذه فيها اللام والكاف.

(أو هِنا) بكسر الهاء، فصارت (هنا) فيها لغتان: الفتح والكسر، وكلاهما للإشارة إلى المكان البعيد.

ومما سبق يتضح أن اسم الإشارة مبني، وسبق ذكره في كلام ابن مالك.

فقال: (والمعنوي في متى وفي هنا)، فهنا اسم إشارة.

ويبنى على الحركة المسموعة عند العرب، وإن كان آخره ياءً أو ألف فعلى السكون، فإذا قلت: هاذي هند، فهذي مبني على السكون، وإذا قلت: هذه هند، فعلى الكسر.

وإذا قلت: ذان قائمان، فعلى الألف.

وإذا قلت: مررت بذين، فعلى الياء.

وهؤلاء: مبني على الكسر.

وهنا: مبني على السكون.

ثم: مبني على الفتح.

إذاً: اسم الإشارة مبني على ما سمع عن العرب، وذلك لأن المبني لا يتغير باختلاف العوامل، وإنما يتغير باختلاف اللغات.

إذاً: (ذان وتان) مبنيان على الألف، والنون حرف جيء به لتزيين اللفظ، ولا يقال: إنه عوض عن التنوين في الاسم المفرد؛ لأن هذا الاسم غير معرب.