[تكرار إلا لغير التوكيد في الاستثناء المفرغ]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وإن تكرر لا لتوكيد فمع تفريغ التأثير بالعامل دع في واحد مما بإلا استثني وليس عن نصب سواه مغني] أي: إذا تكررت (إلا) فإما أن تكون لتوكيد أو لغير توكيد، فإذا كانت لتوكيد فلا حكم لها ولا عمل، وهي ملغاة.
وإذا كانت لغير توكيد فلا تخلو من حالين: الحال الأولى: أن يكون ما قبلها مفرغاً لم يستوف معموله.
والحال الثانية: أن يكون غير مفرغ.
فيستفاد من قول المؤلف: (فمع تفريغ) حكم القسم الأول.
قال: (فمع تفريغ التأثير بالعامل دع في واحد مما بإلا استثني).
التأثير: مفعول دع مقدم، يعني: فدع التأثير بالعامل المفرغ في واحد مما بإلا استثني، فيكون الذي يتأثر بالعامل السابق لـ (إلا) واحداً من المستثنيات، والباقي ينصبن.
مثاله: (لم يقم إلا زيدٌ إلا عمراً إلا بكراً)، أولاً الكلام مفرغ؛ لأن (يقم) ما استوفت الفاعل، وقد كررت (إلا) ثلاث مرات، وليست الثانية منها توكيداً للأولى، وكذلك الثالثة، بل كل واحدة مستقلة، فهي: إذاً غير ملغاة.
ولا يجوز: (لم يقم إلا زيدٌ إلا عمرو إلا بكرٌ).
ولا يجوز: (لم يقم إلا زيداً إلا عمراً إلا بكراً)؛ لأن العامل المفرغ يطلب ما بعد (إلا) على أنه فاعل، والفاعل مرفوع.
ويجوز أن تقول: (لم يقم إلا زيداً إلا بكرٌ إلا عمراً)؛ لأنه وإن نصب الأول لكن الذي بعد الثاني مرفوع، وهو يقول: (في واحد مما بإلا) ولم يقل: (بالأول).
وكذلك يجوز: (لم يقم إلا زيداً إلا عمراً إلا بكرٌ).
وإذا قلت: (ما رأيت إلا زيداً إلا عمرا ًإلا بكراً) فهو صحيح؛ لأن (رأيت) تطلب ما بعد إلا على أنه مفعول به، والمفعول به منصوب، لكن الإعراب يختلف؛ فتقول: ما: نافية.
رأيت: فعل وفاعل.
إلا: أداة حصر.
زيداً: مفعول رأيت.
إلا عمراً، إلا: أداة استثناء.
عمراً: منصوب على الاستثناء.
إلا بكراً، إلا: أداة استثناء، وبكراً: منصوب على الاستثناء.
وفي قولنا: (لم يقم إلا زيدٌ إلا عمراً إلا بكراً) وجب نصب عمرو وبكر؛ لأن الكلام الذي قبلها قد صار تاماً موجباً في الواقع، فقولك: لم يقم إلا زيدٌ، هو بمنزلة قام زيد؛ لأن النفي نقض بإلا، ولهذا يقول: (ليس عن نصب سواه مغني) فيجب نصب ما بعده على الاستثناء.
ولو قلت: (لم يقم إلا زيدٌ إلا عمروٌ) لم يجز لأنه يجب النصب في أحدهما على الاستثناء.