[خلاصة الكلام على الاستثناء بإلا إذا تكررت]
وخلاصة هذه الأبيات: أولاً: إذا تكررت إلا للتوكيد فالثانية ملغاة ليس لها حكم إطلاقاً.
ثانياً: إذا تكررت لغير التوكيد وهو مفرغ فإنه يجب تسليط العامل على واحد من المستثنيات ونصب ما عداه.
ثالثاً: إذا تكررت لغير توكيد ودون تفريغ فإما أن تتقدم المستثنيات أو تتأخر: فإن تقدمت المستثنيات وجب نصبها جميعاً، ولهذا قال المؤلف: (ودون تفريغ مع التقدم نصب الجميع احكم به والتزم).
والحال الثانية في هذا القسم: أن تتأخر المستثنيات، فالواجب أن يعطى واحد منها كما لو كان وحده، والباقي يجب نصبه.
واختلاف المستثنيات في الإعراب لا يجعلها تختلف في المعنى، ولهذا قال: (وحكمها في القصد حكم الأول) وقد ذكر الفقهاء والنحويون في هذا المكان مسائل لا ندري هل من المصلحة أن نبينها أو لا، وهي: أنه إذا تكررت المستثنيات وكان يمكن استثناء بعضها من بعض، فبعضهم يقول: إنها كلها مستثناة من الأول، وبعضهم يقول: إن كل واحد مستثنى مما قبله، والفقهاء مختلفون في الأحكام بناء على ذلك.
فإذا قال مثلاً: عندي له عشرة إلا خمسة إلا ثلاثة إلا اثنين إلا واحداً، لزمه سبعة عند الحنابلة، لأنهم يستثنون كل واحد مما قبله، فتبدأ من الأخير، فيستثنى واحد من اثنين يبقى واحد، يستثنى الواحد من ثلاثة يبقى اثنان، إذا استُثني اثنان من خمسة يبقى ثلاثة، يستثنى ثلاثة من عشرة يبقى سبعة، فيلزمه في هذا سبعة.
وإذا قال: عندي له عشرة إلا خمسة إلا اثنين، نأخذ على القول الأول إنهن كلهن مستثنيات من الأول فنقول: المستثنى خمسة واثنين ومجموعهما سبعة يبقى ثلاثة.
وعلى القول الثاني نقول: اثنان من خمسة يبقى ثلاثة، ثلاثة من عشرة يبقى سبعة.
وافرض أن المسألة ملايين مثلاً، فالفرق بين ثلاثة ملايين وسبعة ملايين كبير جداً.
ولهذا فالحقيقة أن الراجح أن كل واحد مستثنى من الذي قبله إذا أمكن، أما مثل: قام القوم إلا زيداً إلا عمراً إلا بكراً، فهذا لا يمكن فيه أن يستثنى كل واحد مما قبله.
وقول ابن مالك: (وحكمها في القصد حكم أول) عام يقتضي أنها كلها مستثنيات من الأول ولو كان يمكن استثناء بعضها من بعض.
وهذه الأمثلة موجودة في كلام الفقهاء في باب الإقرار، وربما يذكرونه في الطلاق؛ لكنه في باب الطلاق محصور لا يتعدى أكثر من ثلاثة.