[حكم الإخبار بالزمن عن الذات]
يقول المؤلف: [ولا يكون اسم زمان خبراً عن جثة وإن يفد فأخبرا] فلا يكون اسم زمان خبراً عن جثة، يعني: عن شخص، وأما المكان فيكون خبراً عن الجثة، وعن الفعل وعن كل شيء، مثال ذلك: زيد عندك، فالظرف هنا ظرف مكان، وكذلك: العلم عنده، والمبتدأ العلم معنى.
إذاً ظرف المكان يقع خبراً عن الجثة وعن المعنى، ولا إشكال فيه.
وظرف الزمان يقع خبراً عن المعنى، ولا يقع خبراً عن الجثة، فتقول: القتال اليوم، الحج اليوم، وما أشبه ذلك.
أما إذا قلت: الرجل اليوم، فلا يصح، إذ لا يمكن أن يكون اسم الزمان خبراً عن جثة.
وعبر ابن هشام عن كلمة جثة بذات، فقال: ولا يخبر بالزمان عن الذات، وقوله: ألطف من كلام ابن مالك؛ لأن جثة يتصور القارئ أو السامع أن شاة ميتة حوله.
والمقصود أنه لفظ ليس بذاك اللفظ الذي ترتاح له النفس.
فإن وقع ظرف زمان خبراً عن ذات؛ فإنه يكون مؤولاً.
وابن مالك يقول: (وإن يفد فأخبرا) أي: ولو كان الخبر ظرف زمان عن جثة أو عن ذات.
أما ابن هشام فيرى أنه لا يجوز أن يخبر بالزمان عن الذات، وأنه إذا وقع وجب التأويل، مثاله قوله: الهلال ليلة الإثنين، فالهلال جثة، وليلة زمان، لكن هذه الكلمة شائعة عند العرب، يقولون: الليلة الهلال، أو الهلال ليلة أمس، أو الهلال ليلة الإثنين وما أشبه ذلك، فـ ابن مالك يقول: لا بأس أن تخبر بالزمان عن الجثة بدون تأويل؛ لأن المقصود فهم المعنى، وإذا أفاد السياق فلا حاجة إلى تقدير، وهذا مذهب سهل.
أما ابن هشام رحمه الله فيقول: لا يمكن أن يخبر بالزمان عن الجثة، فإن وقع شيء من ذلك في كلام العرب فإنه مؤول، فيؤول بـ: الليلة طلوع الهلال.
وعلى كل حال فهم متفقون على أنه متى أفاد سواء بتأويل أو بغير تأويل فإنه يقع خبراً عن الذات.
وخلاصة البيت أن اسم المكان يقع خبراً عن الذات والمعنى، وأخذنا ذلك من قوله فيما سبق: (وأخبروا بظرف او بحرف جر) ثم استثنى أنه لا يكون اسم الزمان خبراً عن جثة فيكون الإخبار بظرف المكان عن الجثة وعن المعنى داخلاً في قوله: (وأخبروا بظرف).
ولا يخبر بظرف الزمان عن الجثة -أي عن الذات- أما عن المعنى فيخبر، وإن أفاد يجوز الإخبار به عن الذات على رأي ابن مالك رحمه الله.
وما ذهب إليه ابن مالك أولى؛ لأن المقصود من الكلام الفائدة.