للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شرط جر ما لا ينصرف بالفتحة]

يقول ابن مالك: (ما لم يضف أو يك بعد أل ردف): أي: فإن أضيف فإنه يصرف، لكنه لا ينون من أجل الإضافة، فتقول: مررت بأفضل القوم، فتجر (أفضل) بالكسرة لأنه مضاف.

وقوله: (أو يك بعد أل ردف) يعني: تقترن به أل، فتقول: مررت بالأفضلِ، فتجره بالكسرة لأنه حلي بأل.

فالحاصل أن الاسم الذي لا ينصرف يخرج عن القاعدة في الإعراب في وجه واحد وهو الجر، حيث يجر بالفتحة، وذلك بشرط ألا يضاف ولا يحلى بأل، فإن أضيف أو حلي بأل صار مصروفاً.

قال تعالى: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ} [الملك:٥].

قوله: (بمصابيح) مجرور بالفتحة لأن الصيغة من منتهى الجموع.

وقال الله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ} [النساء:١٦٣].

جر إبراهيم بالفتحة لأنه ممنوع من الصرف بسبب العلمية والعجمة، ولولا ذلك لقيل إلى إبراهيمٍ.

وإذا قلنا: وعن طلحةَ بن عبيد الله فإنا نفتح طلحة لأنه ممنوع من الصرف، للعلمية والتأنيث اللفظي.

وإذا قلنا: مررت بطلحةٍ كبيرة، فإنا نجر طلحة بالكسرة مع أنها مؤنثة؛ لكن المؤنث بالتاء لابد أن يكون علماً أو صفة، وهنا طلحة اسم شجرة، فليس علماً ولا صفة فلا يمنع من الصرف.

علي بن أبي طالب رضي الله عنه جاءته امرأة مطلقة، تقول: إنها انتهت عدتها بشهر واحد، فأحال القضية إلى شريح، فقال شريح: إن جاءت ببينة من بطانة أهلها تشهد بأنها جاءها الحيض ثلاث مرات فقد خرجت من العدة، فقال له علي: قالون! وقالون معناها في اللغة الرومية: جيد.

فهذا اللفظ ليس بعلم، فلا يكون ممنوعاً من الصرف؛ لأن العجمة لا تمنع من الصرف إلا إذا انضمت إليها العلمية، أما لو كانت صفة فإنها لا تمنع من الصرف.

إذا قلت: مررت برجل أفضل من فلان، جررت أفضل بالفتحة نيابة عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف للوصفية ووزن الفعل.

فإذا قلت: مررت بالرجل الأفضل من فلان، جررت الأفضل بالكسرة؛ لأنه محلى بأل.

وكذلك إذا قلت: مررت بأفضلكم، أو بأفضل الناس، فإنك تجر أفضل بالكسرة، لأنه أضيف.

ولذا قال ابن مالك: (ما لم يضف أو يك بعد أل ردف) وفي اللغة العربية إذا أضفت الاسم الذي لا ينصرف انصرف، وإذا حليته بأل انصرف، وعلل فلاسفة النحويين لذلك فقالوا: لأنك إذا أضفته أو حليته بأل ابتعد عن مشابهة الفعل؛ لأن أل لا تدخل إلا على الأسماء، والإضافة من خصائص الأسماء، فلهذا انصرف.

أما إذا جرد من أل والإضافة فإنه بعيد من الاسم شبيه بالفعل، ولهذا يسمونه متمكناً غير أمكن، يقولون: الأسماء بالنسبة للاسمية ثلاثة أقسام: متمكن أمكن، ومتمكن غير أمكن، وغير متمكن، تقسيم عجيب! وكل قوم لهم فلاسفة.

الذي ليس بمتمكن هو المبني، والمتمكن غير أمكن هو الذي لا ينصرف، والمتمكن أمكن هو الذي ينصرف، فإذا أضيف أو دخلت عليه أل يكون متمكناً أمكن؛ لأنه اتصل به ما هو من خصائص الأسماء.