للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تعويض الميم عن يا النداء في اللهم]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [والأكثر اللهم بالتعويض وشذ يا اللهم في قريض] قوله: (والأكثر اللهم بالتعويض) أي: تعويض الميم عن الياء، فالأكثر أن يقال: اللهم، بدلاً من: يا الله، ولهذا إذا تدبرت الأدعية الواردة في الكتاب والسنة وجدت أنها تصدرت بـ (اللهم) دون يا الله، هذا هو الأكثر: اللهم اغفر لي، بالتعويض، فعوض الميم عن الياء، وقد سبق أنها عوضت الميم على الياء وأخرت حتى يكون الابتداء باسم الله سبحانه وتعالى.

قوله: (وشذ يا اللهم في قريض) القريض هو: الشعر، ومثاله قول الشاعر: إني إذا ما حدث ألما أقول يا اللهم يا اللهم فهنا أتى بالياء لكي يستقيم الوزن، فقال: يا اللهم يا اللهم، ومع ذلك جعلها ساكنة الهمزة، (يا اللهم يا اللهم)، ولم يجعلها همزة قطع.

واعلم أن (اللهم) يؤتى بها للنداء والطلب كما في قولك: اللهم اغفر لي، اللهم ارحمني وما أشبه ذلك، ويؤتى بها للتأكيد، ليبين للمخاطب أن هذا الأمر مؤكد، ومثاله حديث أن ضمام بن ثعلبة جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يسأله عن الإسلام فقال: (إني سائلك ومشدد عليك في المسألة، فأذن له الرسول عليه الصلاة والسلام أن يسأل، فقال: أسألك بالذي خلقك وخلق من قبلك آلله أرسلك إلى الناس كافة؟ قال: اللهم نعم، ثم قال: أنشدك آلله أمرك أن نصلي خمس صلوات؟ فقال: اللهم نعم)، وذكر الصوم وذكر الصلاة فقال: (اللهم نعم)، فالغرض من (اللهم) هنا التوكيد، أي: توكيد الكلام للمخاطب.

أما من أجل التقليل فهذه تجدونها كثيراً في كتب المؤلفين حين يقول أحدهم: لا يقول كذا وكذا اللهم إلا أن يكون كذا وكذا، فيأتون بها للتقليل والندور، ومثله لو سألك سائل: هل فلان يزورك؟ فتقول: لم يزرني قط، اللهم إلا إذا احتاج إلي جاء يزورني، فهذا على سبيل التقليل.

إذاً: تستعمل (اللهم) على ثلاثة وجوه: في النداء، وفي التأكيد، وفي التقليل.