قال المصنف رحمه الله تعالى:[واحذف خفيفة لساكن ردف وبعد غير فتحة إذا تقف].
إذا جاء بعد نون التوكيد الخفيفة حرف ساكن وجب أن تحذف؛ لأنه لا يمكن أن يجتمع ساكنان، فلا بد أن تحذف نون التوكيد، مثال ذلك: إذا قلت: اضربَنْ الرجل، فالنون الآن ساكنة؛ لأن نون التوكيد الخفيفة ساكنة، والهمزة في (الرجل) ساكنة، فلا بد أن تحذف النون فتقول: اضربَ الرجل.
اضرب: فعل أمر مبني على الفتح، ولماذا لا نقول: اضربِ الرجل، بالكسرة بل نقول: اضربَ الرجل؟ لأن نون التوكيد الخفيفة ساكنة، وإذا وقع بعدها ساكن فإنها تحذف، فإذا قلت: ادخلَنْ المسجدَ، فهذه نون توكيد خفيفة، وبعدها همزة المسجد ساكنة، فلا تقول: ادخلَنْ المسجد، بل تقول: ادخلَ، وتحذف النون.
فإن كانت النون شديدة (ادخلَنَّ المسجدَ) فتبقى النون، قال الله تعالى:{لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ}[الفتح:٢٧].
ومنه قول الشاعر: لا تهين الفقير علك أن تركع يوماً والدهر قد رفعه لا: ناهية ونصب الفعل معها.
وعلك: لغة في لعل.
علك أن تركع يوماً، أي: أن تذل وتنزل، والدهر قد رفعه، وهذه حكمة عظيمة، فإن هذا ممكن أن يقع، وهو كثير، يمكن اليوم أن يكون فقيراً يسأل، ثم ما يلبث أن تكون أنت الفقير وجئت تسأله.
الشاهد قوله:(لا تهين الفقير) فإن أصله: (لا تهينن الفقيرَ) قد يقول قائل: أنتم عللتم بأنه التقى ساكنان فلماذا لا تكسرونها وتقولون: لا تهيننِ الفقير، أو ادخلنِ المسجد؟ وفي الحقيقة أن هذا يثقل عليكم، لكنهم يقولون: إن نون التوكيد لا تأتي مكسورة إلا إذا كانت بعد ألف، وهذه ليست بعد ألف، وقد ذكرت أن بعض المسائل النحوية مهما علل النحوي فيها فلا يستطيع أن يتخلص.