للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الخلاف في (ما) الواقعة بعد نعم وبئس]

ثم قال المؤلف رحمه الله: [وما مميزٌ وقيل فاعلُ في نحو نعم ما يقول الفاضلُ] قوله: (نعم ما يقول الفاضل): (ما): لا تظهر عليها علامة الإعراب؛ لأنها مبنية، فماذا نقول: هل نجعلها اسماً موصولاً، أم نجعلها نكرة؟ فإن جعلناها موصولة فهي فاعل، أو نكرة فهي تمييز.

فهل تقول: نعم القول يقول الفاضل، أم نعم قولاً يقول الفاضل؟ إذا جعلناها تمييزاً قلنا: التقدير: نعم قولاً يقول الفاضل.

وإذا جعلناها فاعلاً فالتقدير: نِعمَ القولُ يقوله الفاضل.

فلما كانت تحتمل أن تكون اسماً موصولاً، وهو معرفة، أو تكون نكرة موصوفة، وهو التمييز، قال ابن مالك: إن فيها خلافاً فبعضهم يقول: إنها تمييز، وبعضهم يقول: إنها فاعل.

وقوله: (وما مميز وقيل فاعل)، معناه: أنه قدم أن تكون تمييزاً، أي: نعم قولاً يقول الفاضل، فعلى هذا تكون مثل قولك: نعم رجلاً زيد.

قال ابن عقيل رحمه الله تعالى: [والثالث: أن يكون مضمراً مفسراً بنكرة بعده منصوبة على التمييز نحو: نعم قوماً معشره، ففي نعم ضمير مستتر يفسره (قوماً)، و (معشره): مبتدأ، وزعم بعضهم: أن معشره مرفوع بنعم وهو الفاعل، ولا ضمير فيها.

وقال بعض هؤلاء: إن قوماً حال، وبعضهم: إنه تمييز، ومثلُ (نعم قوماً معشره) قوله تعالى: (بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا} [الكهف:٥٠].

وقول الشاعر: لنعم موئلا المولى إذا حذرت بأساء ذي البغى واستيلاء ذي الإحن وقول الآخر: تقول عرسى وهي لي في عومره بئس امرأ وإنني بئس المره.

قال ابن مالك رحمه الله: وجمع تمييز وفاعل ظهر فيه خلاف عنهم قد اشتهر اختلف النحويون في جواز الجمع بين التمييز والفاعل الظاهر في نعم وأخواتها.

فقال قوم: لا يجوز ذلك، وهو المنقول عن سيبويه فلا تقول: نعم الرجل رجلاً زيد.

وذهب قوم إلى الجواز واستدلوا بقوله: والتغلبيون بئس الفحل فحلهم فحلا وأمهم زلاء منطيق وقوله: تزود مثل زاد أبيك فينا فنعم الزاد زاد أبيك زادا وفصل بعضهم فقال: إن أفاد التمييز فائدة زائدة على الفاعل جاز الجمع بينهما نحو: نعم الرجل فارساً زيد، وإلا فلا نحو: نعم الرجل رجلاً زيد.

فإن كان الفاعل مضمراً جاز الجمع بينه وبين التمييز اتفاقاً نحو: نعم رجلاً زيد.

قال: وما مميز وقيل فاعل في نحو نعم ما يقول الفاضل تقع (ما) بعد نعم وبئس فتقول: نعم ما أو نعما وبئس ما، ومنه قوله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ) [البقرة:٢٧١].

وقوله تعالى: {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ) [البقرة:٩٠].

واختلف في (ما) هذه فقال قوم: هي نكرة منصوبة على التمييز وفاعل نعم ضمير مستتر.

وقيل: هي الفاعل وهي اسم معرفة، وهذا مذهب ابن خروف ونسبه إلى سيبويه].

أ.

هـ.

فإعراب قوله تعالى: {بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً} [الكهف:٥٠].

(بئس) فعل ماض و (للظالمين): جار ومجرور متعلق به، و (بدلاً): تمييز، والفاعل مستتر، والتقدير: بئس البدل للظالمين بدلاً.