[جر خبر ما وليس ولا وكان المنفية بالباء الزائدة]
يقول: [وبعد ما وليس جر البا الخبر وبعد لا ونفي كان قد يجر] هذه مسألة ثانية تتعلق بالعطف يقول: (بعد ما وليس جر البا الخبر).
بعد: ظرف، وهو مضاف إلى (ما).
وليس: معطوف على (ما)، يعني: بعد ما وبعد ليس، والظرف متعلق بجر.
(جر: فعل ماض.
البا: فاعل حذفت منه الهمزة تخفيفاً، أو من أجل مراعاة الوزن.
الخبر: مفعول به لجر.
و (بعد لا) يعني: لا النافية، و (نفي كان) يعني: كان المنفية (قد يجر) أي: قد يجر الخبر بالباء.
ومعنى البيت: أنه ورد جر الباء للخبر إذا كان خبراً لما أو خبراً لليس، وكذلك إذا كان خبراً للا، أو خبراً لكان المنفية فهذه أربع مواضع تدخل فيها الباء على الخبر وتجره لكن لفظاً لا محلاً.
تقول: ما زيدٌ بقائم، فتجر الخبر بالباء، ولا ينصب الخبر لفظاً فلا تقول: بقائماً، لأن العامل -وهو الباء- عامل ظاهر، فيجب أن يعمل في مجروره ظاهراً، بخلاف الخبر فليس عامله ظاهراً، ولهذا نقول: إنه معرب بحسب هذا العامل الذي دخل عليه ظاهراً.
إذاً: ما زيدٌ بقائم: (ما) نافية تعمل عمل ليس.
و (زيد) اسمها.
و (الباء) حرف جر زائد.
و (قائم) خبر (ما) منصوب بها، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد.
وفي قوله تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ} [الزمر:٣٧]: الهمزة للاستفهام التقريري.
و (ليس) فعل ماضٍ ناقص يرفع الاسم وينصب الخبر، والاسم الكريم اسم ليس.
و (الباء) حرف جر زائد.
و (عزيز) خبر ليس منصوب بها، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد.
إذاً: تدخل الباء الزائدة على خبر (ما)، وعلى خبر (ليس) وتجره لفظاً؛ لكن إعرابه محلاً يكون خبراً لليس، أو خبراً لما.
وقوله: (وبعد لا ونفي كان قد يجر) أي: كذلك قد يجر بعد (لا)، وبعد (نفي كان).
فلا النافية أيضاً يجر خبرها بالباء الزائدة فتقول: لا أحد بمغن عن الإنسان شيئاً سوى الله.
وقول المؤلف: هنا (بعد لا ونفي كان) الظاهر أن مراده (لا) النافية للجنس، وكذلك (لا) التي من أخوات ما الحجازية؛ لأنه أطلق (وبعد لا ونفي كان قد يجر).
ومنه قول الشاعر: فكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة بمغن فتيلا عن سواد بن قارب الشاهد قوله: لا ذو شفاعة بمغن فتيلا.
أما بعد نفي كان، فيقول الشاعر: وإن مدت الأيدي إلى الزاد لم أكن بأعجلهم إذ أجشع القوم أعجل فالباء هنا حرف جر زائد دخلت على خبر كان المنفية؛ (لم أكن بأعجلهم).
والفرق بين (لا) النافية للجنس، و (لا) النافية يظهر بالتمثيل؛ فإذا قلنا: لا رجلٌ قائماً، لنا أن نقول: بل رجلان؛ فهذه لا نافية للوحدة أو للاثنين فهي مقيدة.
أما إذا قلنا: لا رجل قائم؛ فيعني أنه لا يوجد أحد من جنس الرجال.