[مواضع التعليق في عمل ظن وأخواتها]
قال رحمه الله تعالى: [والتزم التعليق قبل نفي ما وإن ولا لام ابتداء أو قسم كذا والاستفهام ذا له الختم] قوله: (والتزم التعليق) ذكرنا أن التعليق هو إبطال العمل لفظاً لا محلاً، وقوله: (التزم): فعل أمر، وفي الإلغاء قال: (جوز الإلغاء) وهذا هو الفرق الثاني بين التعليق والإلغاء.
فبينهما فرق في حد ذاتهما، وبينهما فرق في عملهما، فالتعليق واجب، والإلغاء جائز.
قوله: (التزم): فعل أمر.
التعليق: مفعول به.
قبل نفي: ظرف ومضاف إليه، وهو متعلق بالتزم، ونفي: مضاف، وما: مضاف إليه مبني على السكون في محل جر.
وإن: الواو حرف عطف، إن: معطوفة على ما، أي: وقبل نفي إن.
و (لا): معطوفة على ما، أي: وقبل نفي لا، فعلى هذا تكون (إن) معطوفة على (ما)، و (لا) معطوفة على (ما).
لام ابتداء، لامُ: مبتدأ، وابتداء: مضاف إليه.
أو قسم: معطوفة على (ابتداء)، أي: أو لام القسم.
أي: إن لام الابتداء ولام القسم يجب فيهما التعليق.
(الاستفهام): مبتدأ أول.
ذا: مبتدأ ثان.
له: جار ومجرور متعلق بانحتم.
انحتم: جملة هي خبر المبتدأ الثاني، والجملة من المبتدأ والخبر خبر المبتدأ الأول.
يقول المؤلف: التزم التعليق -وهو إبطال العمل لفظاً لا محلاً- قبل هذه الأمور وهي: نفي ما، ونفي إن، ونفي لا، ولام الابتداء، ولام القسم، والاستفهام.
فالتعليق لازم في ستة مواضع: الموضع الأول: قبل نفي ما: أي: إذا اتصلت ما النافية بجزءي المبتدأ والخبر وجب التعليق، مثاله قوله تعالى: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاءِ يَنطِقُونَ} [الأنبياء:٦٥]).
علمت: علم: فعل ماض تنصب مفعولين، المفعول الأول هو المبتدأ، والمفعول الثاني هو الخبر، والتاء فاعل.
ما: نافية.
هؤلاء: اسم (ما) لأنها حجازية.
ينطقون: الجملة خبر (ما).
ومعلوم أن جملة (ما هؤلاء ينطقون) جملة خبرية، لكن العامل تسلط عليها محلاً لا لفظاً، فنقول: جملة (ما هؤلاء ينطقون) في محل نصب سدت مسد مفعولي علم.
مثال آخر: ظننت ما زيد قائم، أي: ظننت انتفاء قيام زيد.
ظننت: فعل وفاعل.
ما: نافية.
زيد: مبتدأ.
قائم: خبره.
والجملة في محل نصب سدت مسد مفعولي ظن.
الموضع الثاني: قبل نفي إن: كقوله تعالى: {وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء:٥٢] أي: تظنون ما لبثتم إلا قليلاً، ومعلوم أن (تظنون) متصرف من (ظن)، فهو ينصب مفعولين، ولكن هذا الفعل معلَّق لدخول (إنْ) على جزءي الجملة الخبرية.
الموضع الثالث: قبل نفي لا: تقول: علمت لا زيدٌ قائمٌ ولا عمروٌ، أو: لا زيدٌ قائمٌ ولا قاعدٌ.
علمت: فعل وفاعل.
لا: نافية.
زيد: مبتدأ.
قائم: خبر المبتدأ.
ولا عمروٌ: الواو حرف عطف، ولا: نافية.
وعمروٌ: مبتدأ، والخبر محذوف، والتقدير ولا عمرٌو قائم، وإن شئت فقل: إنه معطوف على (لا زيدٌ).
والجملة في محل نصب سد مسد مفعولى علم.
الموضع الرابع: لام الابتداء: أي: إذا اقترنت الجملة الخبرية الواقعة في سياق هذه الأفعال بلام الابتداء، فإن لام الابتداء توجب تعليق الفعل، تقول: علمت لزيدٌ منطلقٌ، ولا يصح أن تقول: علمت لزيداً منطلقاً.
علمت: فعل وفاعل.
لزيد: اللام لام الابتداء، وزيدٌ: مبتدأ.
منطلقٌ: خبره، والجملة في محل نصب سدت مسد مفعولي علم.
الموضع الخامس: لام القسم: كقول الشاعر: ولقد علمت لتأتين منيتي إن المنايا لا تطيش سهامها الشاهد: قوله: (لتأتين)، ولهذا لا يمكن أن نقول: إن جملة (تأتين) في محل نصب، أي: على أنها مفعول وأن الفعل سلط عليها، بل نقول: الجملة من الفعل والفاعل سدت مسد مفعولي ظن؛ لأنك لو قلت: إن الجملة في محل نصب احتجت إلى المفعول الثاني، ولكنه لا نحتاج إليه؛ لأن العمل الآن علق.
الموضع السادس: الاستفهام: أيضاً إذا وقعت الجملة التي بعد هذه الأفعال استفهاماً فإنها تعلق، تقول: علمت أين زيد.
علمت: فعل وفاعل.
أين: اسم استفهام، وهي خبر مقدم.
زيد: مبتدأ مؤخر، والجملة في محل نصب سدت مسد مفعولي علم.
وكذلك لو قلت: علمت أزيدٌ عندك أم عمروٌ، فنقول: الهمزة: للاستفهام.
زيد: مبتدأ.
عندك: الظرف خبر.
أم: حرف عطف.
عمروٌ: معطوف على زيد، والجملة في محل نصب سدت مسد مفعولي علم.
ومعنى الجملة: علمت أي الرجلين عندك.