[اشتراط الفائدة في تعريف الكلام]
وقوله: (مفيد) ما معنى الفائدة؟ يقولون: هي أن يفيد الكلام فائدة يحسن السكوت عليها من قبل المتكلم ومن قبل المخاطب، بمعنى أن المخاطب لا يترقب شيئاً سوى ذلك.
فإذا قلت: أذن المؤذن، تمت الجملة، فلا تترقب شيئاً آخر.
إذاً هو لفظ مفيد.
وإذا قلت: (إن أذن المؤذن) فهنا لا يحسن أن تسكت، لأن المخاطب يترقب شيئاً يستفيد به، لأنك علقته بهذا الشرط، وسيكون في ذهنه كل الاحتمالات: إن أذن المؤذن قامت القيامة، إن أذن المؤذن خرج من المسجد، إن أذن المؤذن صار كذا وكذا.
إذاً: هل أفدته بهذا؟ والكلام هنا لما زاد نقص، فقد كان قولنا: (أذن المؤذن) تامّاً، فلما زدنا (إن) نقص، ويلغز بها فيقال: ما شيء إذا زدته نقص؟ نقول: هو الكلام المفيد إذا دخلت عليه أداة الشرط جعلته ناقصاً غير مفيد.
وقول المؤلف رحمه الله تعالى: (كلامنا لفظ مفيد) لم يذكر أن تكون الفائدة جديدة أو غير جديدة، بل أطلق.
فإذا كان مفيداً فسواء كانت الفائدة جديدة أو معلومة من قبل فإنه يكون كلاماً عند النحويين، فإذا قلت: السماء فوقنا، فهذا كلام؛ لأنه أفاد.
ويرى بعض النحويين أنه إذا لم يأت بفائدة جديدة فإنه ليس بكلام، ولكن الصحيح بلا شك أنه كلام، صحيح أن المخاطب لم يحصل الفائدة المطلوبة؛ لكنه كلام لو خاطبت به من لا يعلم لاستفاد فائدة جديدة.
وقوله: (كاستقم) الكاف هنا للتمثيل، يعني: مثاله استقم.
استقم: هذا لفظ مفيد؛ لكن كيف أفاد وهو كلمة واحدة؟ نقول: هو كلمة واحدة لكن في ضمنها كلمة أخرى؛ لأن قولك (استقم) أي أنت، ففيها ضمير مستتر وجوباً فهو في حكم الظاهر، وعليه فلا يحتاج أن يكون الكلام مركباً من كلمتين فأكثر تركيباً محسوساً، بل إذا ركب ولو تركيباً تقديرياً فإنه يعتبر كلاماً.
إذاً يشترط في الكلام أن يكون لفظاً، وخرج به أربعة أشياء: الإشارة، والكتابة، والعلامات، والعقد.
مفيداً: خرج به ما لا يفيد فإنه لا يسمى كلاماً.
والمراد بالفائدة ما يحسن السكوت عليها، سواء كانت متجددة أو غير متجددة، فإذا قلت: ربنا الله فهو كلام؛ لأنه مفيد.
نبينا محمد، كلام لأنه مفيد.
النار حارة؛ كلام لأنه مفيد وإن كانت الفائدة معلومة.
الماء جوهر سيال، كلام لأنه مفيد.
وإذا قلت: (إن قام محمد؟) فليس بكلام؛ لأن المخاطب يترقب إذا قام محمد ماذا يكون؟