للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ما يلحق بصيغة منتهى الجموع]

قال رحمه الله: [ولسراويل بهذا الجمع شبه اقتضى عموم المنع].

وهذا من باب القياس في النحو، فسراويل ليس بجمع، وإنما هو مفرد، تقول: علي سراويل، وليس عليك إلا واحد، فاللغة العربية ألا تقول: سروال، إلا في لغة قليلة جداً لبعض العرب، وإلا اللغة الفصيحة المشهورة أن تقول: سراويل.

وسراويل ليس بجمع، بل هو مفرد، لكن فيه شبه من هذا الجمع، ولهذا قال: (ولسراويل بهذا الجمع شبه) أي: شبه من حيث اللفظ، أما المعنى فلا؛ لأن صيغة منتهى الجموع تدل على تعدد، وسراويل لا تدل على تعدد، لكنه يشبهه في اللفظ.

قوله: (اقتضى) أي: ذلك الشبه، ما الذي اقتضى؟ اقتضى عموم المنع، أي: اقتضى أن نمنع سراويل من الصرف مع أنه ليس بجمع، وهو في الأول يقول: (وكل جمع مشبه مفاعلا) فكأنه رحمه الله ذكر إيراداً: إذا كان هذا اللفظ ليس بجمع فهل له حكمه؟ قال: له هذا الحكم؛ لأنه يشبه هذا الجمع من حيث اللفظ، فسراويل على وزن فعاليل، فهو يشبهه لفظاً، فلذلك اقتضى عموم المنع من الصرف.

مع أنهم يقولون: إن هذا اللفظ أعجمي في الأصل، لكنه عرب.

فنقول مثلاً: أتيت بسراويل: أتيت: فعل وفاعل.

والباء: حرف جر.

وسراويل: اسم مجرور بالباء وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة لأنه يشبه صيغة منتهى الجموع.

وجمع سراويل: سراويلات، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (فليلبس سراويلات).

قال المصنف رحمه الله تعالى: [وإن به سمي أو بما لحق به فالانصراف منعه يحق].

الضمير في (به) يعود على ما كان مشبهاً لمفاعل أو مفاعيل، قوله: (سمي) أي: جعل علماً.

يعني: هذه الصيغة من الجمع إذا سميت بها إنساناً منعت من الصرف وإن كانت لا تدل إلا على واحد.

مثال ذلك: رجل سميناه مساجد، كلمة (مساجد) الآن تدل على علم مفرد، لكن لما كان مسماه بصيغة منتهى الجموع ثبت لها حكم صيغة منتهى الجموع، ولهذا قال: (فالانصراف منعه يحق)، فهو ممنوع من الصرف، تقول: مررت بمساجدَ فاشتريت منه خبزاً، لو سمع هذا الكلام أحد من العامة سيقول: هذا مجنون، يشتري من المساجد خبزاً! لكن نحن سمينا هذا الرجل مساجد، تقول: مررت: فعل وفاعل.

والباء: حرف جر.

ومساجد: اسم مجرور بالباء وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه اسم لا ينصرف، والمانع له من الصرف إلحاقه بمنتهى الجموع من أجل اللفظ.

وأشار بقوله: (يحق) إلى أن هناك خلافاً؛ لأن بعض النحويين يقول: لا يمنع من الصرف؛ لأنه الآن سلبت دلالته على الجمعية، وصار دالاً على المفرد وينصرف؛ لأنه زال معناه.

كذلك (أو بما لحق به) الذي يلحق بصيغة منتهى الجموع أيضاً إذا سميت به فإنه ممنوع من الصرف، فلو سميت شخصاً بسراويل فهذا ليس بصيغة منتهى الجموع من الأصل بل هو مفرد، ومع ذلك يكون ممنوعاً من الصرف؛ لأنه ملحق بصيغة منتهى الجموع.

وكذلك شراحيل، فشراحيل اسم علم معروف في التابعين وفي الصحابة، وشراحيل أصلاً ليست جمعاً، ومع ذلك تمنع من الصرف؛ لأنها تشبه الجمع.

إذاً: (ما سمي به) أي: بصيغة منتهى الجموع، أو سمي بما ألحق بصيغة منتهى الجموع فإن ابن مالك يقول: (فالانصراف منعه يحق)، الفاء في قوله: (فالانصراف) رابطة لجواب الشرط في قوله: (وإن به سمي) والانصراف: مبتدأ، ومنع: مبتدأ، ويحق: جملة هي خبر المبتدأ الثاني، والجملة من المبتدأ الثاني وخبره في محل رفع خبر المبتدأ الأول، والجملة من المبتدأ وخبره جواب الشرط.