قال المصنف رحمه الله تعالى:[وما لتوكيد فوحد أبدا وثن واجمع غيره وأفردا] قوله: (وما لتوكيد) أي: المصدر الذي يراد به توكيد عامله يكون مفرداً، لا مثنى ولا جمعاً، مثل قوله تعالى:{وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}[النساء:١٦٤](تكليماً) هذه يقصد بها التوكيد.
فالذي يراد للتوكيد لا يجوز أن تثنيه ولا يجوز أن تجمعه؛ لأنك لو ثنيته أو جمعته فمعناه: أنك أردت أن تدل به على معنى آخر غير التوكيد، وهو العدد، إذا قلت: حضرت حضوراً، فالمقصود بالمصدر هنا التوكيد، فلا يمكن أن تثنيه ولا تجمعه؛ لأنك إن ثنيته أو جمعته صار دالاً على غير التوكيد، بل على العدد، ولهذا قال:(وثن واجمع غيره وأفردا) أي: غير الذي للتوكيد يجوز تثنيته وجمعه وإفراده، والذي لغير التوكيد هو المبين للعدد والنوع.
وكلام المؤلف يشمل أن ما أريد به العدد وما أريد به النوع فإنه يجوز أن يثنى ويجمع ويفرد، فتقول فيما يراد به النوع: سرت سيري زيد السريع والبطيء، وتقول مثلاً: نظرت إليه نظرتي غضب وسرور، فهذا مثنى وهو مبين للنوع، فواحدة من النظرات غضب، والأخرى سرور، وكذلك: سرت سيري زيد البطيء والسريع، واحد نوعه بطيء، والآخر نوعه السرعة.
وكذلك أيضاً ما قصد به العدد، مثل: ضربته ضربة، أي: واحدة، وضربتين، وثلاث ضربات، ومائة ضربة.
قوله:(وما لتوكيد فوحد أبداً): ما: مفعول مقدم لوحد، والفاء: هنا إما أن تكون عاطفة أو مزينة؛ لأنها أحياناً تدخل على الكلمة لتزيين اللفظ مثل قول:(فقط).
أبداً: يعني في جميع الأحوال.
(وثن واجمع غيره وأفردا) أي: غير ما للتوكيد وهو ما كان لبيان النوع وبيان العدد فإنه يجوز تثنيته وجمعه وإفراده.