قوله:(ونعت معمولي وحيدي معنى وعمل أتبع بغير استثناء) أي: متحدي معنى وعمل.
(أتبع بغير استثناء) يعني: لا تستثن شيئاًَ، أي: إذا كان النعت لاثنين معمولين لعاملين متفقين في العمل والمعنى، فأتبع بغير استثناء.
فعندنا الآن معمولان لعاملين متحدين في المعنى والعمل، فإنه حينئذ يقول المؤلف: أتبع بغير استثناء، أي: أتبعه المعمولين بغير استثناء.
والآن لابد أن نأتي بعامل وعامل آخر ثم نسلطهما على معمولين، ثم نأتي بالنعت، فمثلاً: رأيت زيداً وأكرمت عمرواً الكريمين، لا يصلح لأن العاملين وإن كان عملهما واحداً وهو النصب، لكن المعنى مختلف، فيجب أن نفرق.
لكن يجوز: رأيت زيداً وأبصرت عمرواً الكريمين؛ لأن رأيت بمعنى أبصرت وعملهما واحد، والمعمولان كلاهما منصوب، فإذاً: يجوز أن نتبع بغير استثناء.
فإن اختلف العاملان عملاً أو اختلفا معنى أو اختلفا لفظاً -لكن المؤلف ما ذكر إلا المعنى فقط- فإنه لا يقبل، فلا تقول: جاء زيد وأكرمت عمراً المجتهدين؛ لأن الأول مرفوع والثاني منصوب، فإن رفعت مراعاة لزيد خالفت عمراً، وإن نصبت مراعاة لعمرو خالفت زيداً، إذاً: صف كل واحد على حدته، فتقول: جاء زيد المجتهد وأكرمت عمرواً المجتهد.
وكذلك إذا اختلفا في المعنى مثل أن تقول: نجح زيد وفشل عمرو المحبوبان، فلا يصلح لاختلاف المعنى، وابن مالك يقول:(وحيدي معنى وعمل).
ففي مثل هذا المثال أفرق، وأجعل نعت كل واحد يليه ولا أجمعهما؛ وذلك لاختلافهما في المعنى.
وإذا اختلفا في اللفظ دون المعنى كأن تقول: سار زيد ومشى عمرو الكريمين، فظاهر كلام ابن مالك أنه يجوز؛ لأن المعنى واحد والعمل واحد، فيقول:(أتبع بغير استثناء).
فالحاصل أنه إذا تعدد المنعوتان وعاملهما مختلف في المعنى أو في العمل فإنه يجب التفريق، وأما إذا اتفق العاملان عملاً ومعنى فإنه يجوز الإتباع، ويجوز التفريق، وهو الأصل، فقول المؤلف هنا:(أتبع) هذا على سبيل الإباحة وليس على سبيل الوجوب واللزوم؛ لأن لي أن أتبع كل واحد نعته ولا أجمعهما.