كان نائماً فى القصة كلها إلا ما يدل عليه قوله:«ثم استيقظت وأنا فى المسجد الحرام» فلعل قوله «استيقظت» بمعنى أصبحت أو استيقظ من نوم آخر بعد وصوله بيته، ويدل عليه أن مسراه لم يكن طول ليله وإنما كان فى بعضه. وقد يكون قوله «استيقظت وأنا فى المسجد الحرام» لما كان غمره من عجائب ما طالع من ملكوت السموات والأرض وخامر باطنه من مشاهدة الملد الأعلى وما رأى من آيات ربه الكبرى فلم يستفق ويرجع إلى حال البشرية إلا وهو بالمسجد الحرام.
ووجه آخر وهو أن يعبر بالنوم ههنا عن هيئة النائم من الاضطجاع، ويقويه قوله فى رواية عبد بن حميد عن همام «بينما أنا نائم وربما قال ومضطجع». وفى رواية هديه عنه «بينا انا نائم فى الحطيم وربما قال أو الحجر مضطجع». وقوله فى الرواية الأخرى «بينا أنا بين النائم واليقظان» فيكون سمى هيئته بالنوم لما كانت هيئة النائم غالباً. ا. هـ.
ثم قال القاضى عياض: وذهب بعضهم إلى أن هذه الزيادات من النوم وذكر شق البطن ودنو الرب عز وجل الواقعة فى هذا الحديث إنما هى من رواية شريك عن أنس فهى منكرة من روايته، إذ شق البطن فى الأحاديث الصحيحة إنما كان فى صغره صلّى الله عليه وسلم وقبل النبوة، ولأن قال فى الحديث «قبل أن يبعث» والاسراء بإجماع كان بعد المبعث فهذا كله يوهم ما وقع فى رواية شريك عن أنس مع أن أنسا قد بين من غير طريق أنه إنما رواه عن غيره وأنه لم يسمعه من النبى صلّى الله عليه وسلم فقال مرة عن مالك بن صعصعة وفى كتاب مسلم لعله عن مالك بن صعصعة على الشك، وقال مرة: كان أبو ذر يحدث ا. هـ (الشفاء ١/ ١٩١ - ١٩٢ - ١٩٣).