للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

نفسه ووصفه الرسول صلّى الله عليه وسلم غير زائلةٍ عنه ولا كائنةٍ دونه فمن جحد صِفة من صفاته بعد الثبوت كان بذلك جاحِدا.

ومن زعم أنها مُحْدَثة لم تكن ثم كانت على أىِّ معنى تأوّله دخل فى حُكم التشبيه. والصفات التى هى مُحْدَثة فى المخلوق زائلَةٌ بفَنَائه غير باقية، وذلك أن تعالى امتدح نفسه بصفاته تعالى ودعا عبادَه إلى مدحِه بذلك وصَدَّق به المصطفى صلّى الله عليه وسلم وبَيَّن مُراد الله عز وجل فيما أَظْهر لعباده من ذكْرِنفسه وأسمائه وصفاته (وكان ذلك مفهوماً عند العرب غير محتاج إلى تأويلها) (١).

فقال عز وجل: { ... كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ .. }. (٢).

(١ - ٤١٥) وقال النبى صلّى الله عليه وسلم.: قال الله تعالى وتقدّس: إنى حَرّمتُ الطلم على نفسى (٣).

(٢ - ٤١٦) وقال النبى صلّى الله عليه وسلم بياناً لقوله: إن الله عز وجل كَتَبَ كتَاباً على نفسه فهو عِنْدَه: إن رحمتى تَغْلِبُ غضبى (٤).

فبَيَّنُ مُرادَ الله عز وجل فيما أخبر عن نفسه عز وجل وبيّن أن نفسه قديم غير فان بفناء الخلق، وأن ذاته لا يوصف إلا بما وصف تبارك وتعالى. ووصفه النبى صلّى الله عليه وسلم لأن المُجاوِزَ وَصْفَها يوجِبُ المُمَاثلة، والتمثيل والتشبيه لا يكون إلا بالتحقيق ولا يكون باتفاق الأسماء وإنما وافق اسمُ لنفس اسم نفس الإنسان الذى سمّا ٥ الله عز وجل نَفْسَا مَنْفُوسة وكذلك سائرُ الأسماء التى سَمَّا بها خَلْقه إنما هى مُستَعَارةٌ لخَلْقِه منَحَها


(١) ما بين القوسين معلق فى الحاشية.
(٢) سورة الأنعام، آية: ٥٤.
(٣) تخريجه: رواه أحمد (١٦٠/ ٥). ومسلم (٢٥٧٧) والبيهقى (٩٢/ ٦).
(٤) تخريجه: رواه أحمد بنحوه (٢٥٨/ ٢، ٣١٣، ٣٥٨). والبخارى (٥٥٣). ومسلم (٢٧٥١).

<<  <   >  >>