للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

عِبَادَهُ للمعرفة (١).

فمن الصفات التى وصف بها نفسه ومَنَحَ خَلْقه الكلام، فالله عز وجل يتَكَلُّمُ كلاماً أزليّاً غير مُعَلَّم ولا مُنْقَطع فيه يخلق الأشياء وبكلامه دلّ على صفاته التى لايسْتَدْرَك كيفيّتها مخلوق ولا يبلُغُها وصُفَ واصِف، والعبد متكلم بكلام مُحْدَث مُعَلِّم مُخْتَلِفٍ فَانٍ بفنائه.

ووصف وجهه فقال: { ... كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ .. }. (٢) الآية. فاخبر عن فناء وجوه المخلوق وبقاء وجهه.

ووصف نفسه بالسّمع والبصر. فقال: { ... لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)} (٣) فأخبر أنه سميع من كل الجهات لكل الأصوات بصير بكل الأشياء من كل الجهات لم يزل يسْمعُ ويبصِر ولا يزال كذلك. ووصف عباده بالسمع والبصر المُحْدَث المخلوق الفانى بفنائه التى تَكَلُّ وتَعْجِزُ عن جميع حقيقة المسمُوع والمُبْصَر.

ووصف نَفْسَه بالعِلْم والقُدْرَة والرحمة ومَنَحَها عباده للمعرفة عند الوجود فيهم والنّكِرة عند وجود المُضادّ فيهم فجعل ضِدَّ العِلْم فى خلقِه الجهل وضِدَّ القُدرة العَجز. وضِدَّ الرَّحمة القَسوة فهى موجودة فى الخلق غيرُ جَائِزَة على الخالق فوافقت الأسماء وباينت المعانى من كلّ الجهات.

ووصف الله عز وجل نفسه بالعلم وأنه يعلم كل شئ من كل الجهات لم يزل ولا يزال موصوقاً بالعلم غير مُعَلَّم باقٍ غيرَ فان.


(١) ذكر كلام ابن منده (من أول الباب إلى هنا) قوام السنة الأصبهانى فى كتابه الحجة فى بيان المحجة وشرح عقيدة أهل السنة ص ٨٧، ٨٨، ٨٩.
(٢) سورة القصص، آية: ٨٨.
(٣) سورة الشورى، آية: ١١.

<<  <   >  >>