وحينما سُئل ابن تيمية عن تفسير قوله تعالى وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ ورايه فيما نقل عن مجاهد والشافعى فى تفسير وجه الله هنا بقبلة الله، أجاب شيخ الاسلام (هذا صحيح عن مجاهد والشافعى، غيرهما، وهذا حق، وليست هذه من آيات الصفات، ومن عدها فى الصفات فقد غلا، كما فعل طائفة، فإن سياق الكلام يدل على ان المراد حيث قال: وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ، والمشرق، والمغرب الجهات، والوجه هو الجهِة، يقال أى وجه تريده، وأنا اريد هذا الوجه، أى الجهة كما قال تعالى وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها، ولهذا قال فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ أى تستقبلوا، وتتوجهوا، والله أعلم). «الفتاوى» (١٩٣/ ٣)، وراجع «الفتاوى» أيضا (٤٢٨/ ٢، ٤٢٩، (١٥/ ٦، ١٦، ١٧). خلاصة ماسبق إن أهل السنة مجمعون على إثبات صفة الوجه، لقطعية النصوص فى ذلك من الكتاب، والسنَة، وإنما ورد القول فى تأويل بعض الآيات التى فيها ذكر (وجه الله) عز وجل - كما سبق - لا نفى الصفة كلها، وتأويل جميع نصوص الوجه بالثواب، أو الذات، والقبلة، اتباعا للمجاز الأعجمى الذى تقول به الجهمية، والمعطلة، وأضرابهم، وتأويل نص معين بمعنى ليس كتأويل جميع النصوص فى مسألة، فالأول يقال فيه اخطاء، أو أصاب، اما الآخر فهو مبتدع ضال، أما من حرف النصوص عن معناها الصحيح بتأويل الوجه بالثواب، والقبلة، والذات، ونحوه ... ولم يثبت صفة الوجه لله عز وجل فقد رد عليه الأئمة بما يشفى، ويكفى، ولنختر شيئا يسيرا من ردودهم: قال الامام عثمان بن سعيد الدارمى: ( ... قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم «أعوذ بوجهك» أفيجوز ايها المعارض ان يتأول هذا: أعوذ بثواب الأعمال التى يبتَغَى بها وجهك وبوجه القبلة! فإنه لايجوز أن يستعاذ بوجه شئ غير وجه الله، وبكلماته،، ولا يستعاذ بوجه مخلوق. ومن ذلك ما حدثناه سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد، عن عطاء بن السائب، عن أبيه عن عمار بن ياسر، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان يدعو: «اللهم إنى أسألك لذة النظر إلى وجهك». افيجوز لك أن تقول فى هذا، لذة النظر إلى قبلتك، وإلى الأعمال التى أبتغى بها وجهك؟ ومن ذلك، ما حدثناه يحيى الحمانى، عن أبى شيبة، عن شريك، عن إسحاق، عن سعيد ابن نمران، عن أبى بكر الصديق فى قوله تعالى لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ قال: الزيادة النظر إلى وجهه سبحانه وتعالى. أفيجوز أن تتأول هذا: أنه النظر إلى وجه ?