للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقال: «أنت منهم»، وقام رجل آخر فقال: أنا منهم يا رسول الله؟ فقال: «سبقك بها عكاشة»


(٤) «النهاية» (١٥٢/ ٣).
اتفق على ذكر هذه الأربع معظم الرواة فى حديث ابن عباس، وإن كان عند البعض تقديم وتأخير، وكذا فى حديث عمران بن حصين عند مسلم، وفى لفظ له سقط.
«ويتطيرون» هكذا فى حديث ابن مسعود، وفى حديث جابر الذى أشرت إليهما بنحو الأربع، ووقع فى رواية سعيد بن منصور عند مسلم «ولا يرقون» بدل «ولا يكتوون»، وقد أنكر الشيخ تقى الدين ابن تيمية هذه الرواية «الفتح» (٤٠٨/ ١١)، وقال: « ... فجعل من صفاتهم أنهم لا يسترقون، أى: لا يطلبون من غيرهم أن يرقيهم، ولم يقل: يرقون، وإن كان ذلك قد روى فى بعض طرق مسلم، فهو غلط، فإن النبى صلّى الله عليه وسلم رقى نفسه وغيره، لكنه لم يسترق، فالمسترقى طالب للدواء من غيره، بخلاف الراقى غيره، فإنه داع له» «اقتضاء الصراط المستقيم» (٨٢٧/ ٢ - ٨٢٨).
قال ابن القيم: « ... فإن قيل: فعائشة قد رقت رسول الله صلّى الله عليه وسلم وجبريل قد رقاه، قيل:
أجل ولكن هو لم يسترق، وهو صلّى الله عليه وسلم لم يقل ولا يرقيهم راق، وإنما قال: لا يطلبون من أحد أن يرقيهم ... » «حادى الأرواح» (ص ٨٩) ابن القيم.
وأجاب غيره بأن الزيادة من الثقة مقبولة، وسعيد بن منصور حافظ، وقد اعتمده البخارى ومسلم، واعتمد مسلم على روايته هذه، وبأن تغليط الراوى مع إمكان تصحيح الزيادة لا يصار إليه، والمعنى الذى حمله على التغليط موجود فى المسترقى؛ لأنه اعتل بأن الذى لا يطلب من غيره أن يرقيه قام بالتوكل، فكذا يقال له، والذى يفعل غيره به ذلك ينبغى ان لا يمكنه منه لأجل تمام التوكل، وليس فى وقوع ذلك من جبريل دلالة؛ لأنه فى مقام التشريع، وتبيين الأحكام، ويمكن أن يقال: إنما ترك المذكورين الرقى والاسترقاء حسماً للمادة؛ لأن فاعل ذلك لا يأمن من أن يكل نفسه إليه، وإلا فالرقية فى ذاتها ليست ممنوعة، وإنما منع منها ما كان شركَا أو احتمله. «الفتح» (٤٠٩/ ١١).
أما المعنى الصحيح للتوكل فيحصل بأن يثق بوعد الله، ويوقن بأن قضاءه واقع، ولا يترك اتباع السنة فى ابتغاء الرزق، مما لابد له منه من مطعم ومشرب وتحرز من عدو بإعداد السلاح، وإغلاق الباب ونحو ذلك، ومع ذلك فلا يطمئن إلى الأسباب بقلبه، بل يعتقد أنها لا تجلب بذاتها نفعاً ولا تدفع ضرَا، بل السبب فعل الله تعالى، والكل بمشيئته، فإذا وقع من المرء ركون إلى السبب قدح فى توكله .. » «الفتح» (٤١٠/ ١١)، وراجع «الفتح» (٢١١/ ١٠ - ٢١٣).

<<  <   >  >>